القضاء العراقي يصل إلى السلام الذاتي بتوقفّه عن إطلاق الأحكام على الآخرين
أنور ابن أنور - مراسل الحدود لشؤون المانترا والتحفيز الذهني
٠١ أغسطس، ٢٠٢٣

يعيش مجلس القضاء الأعلى في العراق حالة من التحرر الروحي والسلام الذاتي، بعد اعتكاف القضاة في المكاتب لممارسة التأمل وتوقفهم عن إطلاق الأحكام على الآخرين، وتصالحهم مع ذواتهم ومع الميليشيات والاغتيالات والاختلاسات والرشاوى والفساد والوجود في العراق بشكل عام.
ويرى القاضي كُ.أُ. أن إطلاق الأحكام أسهل درب يختاره القاضي "من اليسير عليَّ التلويح بمطرقتي وخبطها على الطاولة وأنا أقول: هذا لص وهذا مُخادع وهذا كذّاب وهذا قاتل وهذا سارق وهذا عميل وهذا قوّاد وهذا نوري المالكي، لكن العبرة تكمن في مجاهدة النفس وتحمل عدم قول شيء، فتشعر داخليا بالراحة لنجاتها من غضب الولي الفقيه قدّس سرّه وأسرار مريديه المخلصين القادرين على تعريض مجلس القضاء لقضاء يقضي على القضاة والقضاء".
وأكد كُ.أُ. على ضرورة التسامح "محاسبة المسؤول وحبسه سيبقيانه وحشاً، يجب إعطاؤه فرصة ليتأمل ويشعر بالذنب. ما أجمل أن ترى شخصاً سرق ملياري دولار يدفع نصف مليار لتسهيل إجراءات السفر بحثاً عن ذاته على متن يخت محاطاً بجميلات مثل الملائكة قرب جزيرة اشتراها بمليار ونصف".
وأضاف "من الضروري أن يلتمس القاضي لأخيه المسؤول عذراً. لربما كانت لديه ظروف صعبة تجبره على سرقة ميزانية الدولة، ماذا لو كان عليه تأمين مستقبل أبنائه في قصر متواضع في أوروبا؟ ماذا لو كان برقبته ميليشيات جائعة تحتاج للطعام والموارد والأسلحة؟ هل سنقف ونتحدث بالسوء عنهم ونصدّر الأحكام؟ كيف سنتمكن من العيش مع أنفسنا بعد ذلك؟ كيف سنبقى أحياء أصلاً؟".
وبيّن القاضي أن العدالة تأخذ مجراها بالطريقة التي تراها مناسبة "لا نشعر بالانزعاج حين يشتمنا المواطنون والناشطون ويخونوننا ويتهموننا بالتقاعس، فإذ لا بد أن تأتيهم الكارما على شكل درّاجة نارية يركبها مسلحون مجهولون أو مفخخة تطيّر الرؤوس وتحقق العدالة".
ونوّه كُ.أُ. أن الامتناع إصدار الأحكام لا يشمل صنَّاع المحتوى والمتظاهرين والناشطين "فالقانون لا يحمي المغلّفين*، لكونهم مغفّلين ولم يختاروا حتى الآن ميليشيا تحميهم من تغليف الميليشيات الأخرى لهم".
*المغلّفون: من غلّف الشيء تغليفا.ً ووفقاً لمعجم لسان حال العرب يقال في العراق: جاء الميليشاوي إلى مواطن ووضَّبه في صندوق السيارة وأخذه بعيداً لا نعرف إلى أين ولا داعي للسؤال فنغلّف معه.
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.