أين الكهرباء يا الله؟ عراقي ينصهر بفعل الحرّ يسأل وإيران تطالب بأموالها لتوريد الغاز اللازم وأميركا ترفض والله ويّاك
أنور بن أنور - مستشار الحدود لشؤون المراوح اليدوية
٢٣ يوليو، ٢٠٢٣

حطت على مكاتبنا البارحة رسالة من أحد قرائنا في العراق الحبيب، تبعتها رسالة من العراق أيضاً، قبل أن ينهمر علينا فيض رسائل عبر البريد الإلكتروني والبريد العادي والبريد الممتاز. شاهدنا من النافذة أسراب رسائل تتطاير في السماء، وأخرى وضعت في زجاجات وألقيت حيث كان دجلة؛ وتبين لنا بقراءة مجموعة منها أنها تساؤلات مواطنين يفتقدون الكهرباء، وتالياً نعرض لكم إحداها:
الأعزاء في الحدود أو أي صحيفة أو أي مكان،
تحية طيبة وبعد:
في كل مرة نسأل عن الكهرباء يهب الناطق باسم وزارة الكهرباء السيد أحمد موسى إلى الفضائيات ليدلي بتصريحه المعتاد " ليس لدينا غاز"؛ ولكثرة الانقطاع سنوياً، غيّر أحمد تصريحاته لنشعر أن شيئاً ما قد تغير، فصار يقول في بعض الأحيان "غاز ليس لدينا"، وفي أحيان أخرى "لدينا ليس غاز" أو "غاز لدينا ليس". فأين هي الكهرباء؟ أين ذهبت الكهرباء في العراق؟ وأين كهرباء العراق؟ من أين مرت؟ متى ستصل؟ هل ستعود؟ هل هي بخير؟ طمنونا عنها؟ يا الله أين الكهرباء؟ أين الكهرباء يا الله؟ أرجو الإجابة بسرعة. إني أتقلى. إني أطبخ. أصهر. إني أعاني إني أذوب إني حطام.
المخلص
علاء سعدي المكروب
العزيز علاء
تحية لك من الحدود بحجم ذمة المسؤولين، أما بعد:
لعلك عزيزي لم تتأقلم بعد مع الواقع رغم فقدانك الكهرباء آخر ٨٠٠٠ سنة في بلادك، ولم تسأل كيف شيّد أجدادك العظماء وحاربوا وزرعوا وحاربوا وصنعوا وحاربوا وسطروا أولى ملحمة شعرية وأولى مسلة للقوانين على ضوء مصباح علاء الدين.
الأرجح أن وجود كلمة "الكهرباء" في "وزارة الكهرباء" كان سبباً في التباس الأمر عليك. سنوضح لك الأمر، إن وجود أي كلمة بعد كلمة وزارة لا يعد دليلاً على وجودها فعلاً، بالعكس، في غالب الأحيان يكون وجود الكلمة دليل على عدم وجود الشيء فعلاً. لدينا وزارة تعليم، هل هناك تعليم؟ أرأيت؟ لا تعليم ولا تربية ولا دفاع ولا صحة ولا إعمار ولا سياحة ولا نقل ولا تخطيط. ولا كهرباء.
حسناً، نعرف أنك سترفض كل ما ذكرناه، فالتأقلم عمل صعب، خصوصاً أن درجات الحرارة الصغرى في الظل أتلفت جزءاً لا يستهان به من وعيك وصبرك، لذا، سنتأقلم مع عدم تأقلمك ونجيب على سؤال "أين الكهرباء". الكهرباء يا عزيزي حتماً في أحد تلك الأماكن:
١- في المنطقة الخضراء:
حيث تجتمع كل التيارات، التيار الصدري، تيار الحكمة والتيار الكهربائي وكل التيارات التي تستطيع تربية أمثالك من المشككين بفاعلية التيارات في البلاد.
٢- في الولايات المتحدة وإيران:
من باب حرصها على العراق، تكتفي الشقيقة إيران بتحديد عاداته وتقاليده وطائفته وحكومته وبرلمانه وسياساته الداخلية والخارجية، ولكنها تنأى عن أنفها حشره في كل كبيرة وصغيرة بشؤونه أو تزويده بأسطوانة غاز واحدة قبل أن يعتمد على نفسه ويسدد ديونه، ديونه ما غيرها التي سددها أصلاً ولا تسمح أميركا بوصولها إلى إيران لأنها تتدخل بشؤونه، فتمنع إيران بدورها ضخ الغاز اللازم لتوليد الكهرباء فيه قبل أن يسدد ديونه؛ وتبقى كهرباؤك عندهم إلى أن ينتهيا من صراعهما على توفير السيادة والكهرباء لك.
٣. تتمشور في الهواء الطلق:
بحسب شهود عيان، فإن الكهرباء تصيع بشحناتها السالبة والموجبة وفولتاتها في الهواء وبين الغيوم منذ فترة مع الغاز العراقي، الذي أطلقه المسؤولون في الجو حتى يقوم بدوره ويجبرها على العودة إلى الأرض.
٤- في معتقلات التعذيب:
من البديهي أن تكون هناك. هل تنفذ السلطات عمليات التعذيب مرة كل ساعتين ثم تنتظر عودة الكهرباء مجددا لتستكمل الاستجواب؟ أم ستعذب المعتقلين باستخدام الطاقة الشمسية؟ الكهرباء موجودة هناك باستمرار، وإن لم تصدق جرب انتقاد أي شيء، سترى الكهرباء، وستشعر بوجودها في كل جزء من كيانك.