تأخذ الديمقراطية وعملية تداول السلطة في السودان طابعاً مختلفاً عن المتعارف عليه عالمياً، حيث تجري الانتخابات فيه بالأسلحة الثقيلة وعبر أفراد الجيش والمجموعات المسلحة حصراً، ويفوز في الانتخابات الرئيس الذي يطلق عناصره رصاصاً وقذائف أكثر، ويسكت جنوده أكبر عدد من أصوات الخصم.

يعد جعفر النميري أوّل رئيس سوداني منتخب بالقوّة، وجرت في عهده أربعة استفتاءات انقلابية انتهت بإعدام جميع المشاركين فيها. وفي العام ١٩٨٥ سلّم النميري السلطة مرغماً عبر تداول عسكري سلس مع المرشّح عمر البشير، الذي باشر حكمه بتعزيز الحياة الحزبية في السجون والمعتقلات، ونجح بإحباط عمليتي انقلاب حدثتا في عهده الذي استمر قرابة ثلاثة عقود وانتهى بثورة مدنية تلاها انقلاب عسكري بطبيعة الحال.

ومع تطور المعرفة ووسائل الحكم، يعتمد السودان اليوم نموذجاً ديمقراطياً جديداً كلياً وهو المجلس السيادي، الانتقالي، المؤقت، الدائم. يتكون هذا المجلس من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان والكثير من العسكر وبعض الوجوه المدنية لأغراض الديكور.

يتمتع السودان بجيش قوي تخصص له معظم ميزانية الدولة للقضاء على أي اعتداءات من أطراف مدنية تحاول تعكير صفو نظام الحكم، كما لعب دوراً كبيراً في تحرير كثير من المناطق السودانية مثل دارفور، من السودانيين.

يوجد في السودان أيضاً جيش آخر لا يتبع للجيش الأول، أسسه الرئيس السابق عمر البشير بقيادة الجنرال "حميدتي" كي يأخذ راحته في الإبادة العرقية والحروب القذرة دون تلطيخ البزّة العسكرية الرسمية، ويخوض حالياً معارك ضارية ضد الجيش الأصلي بهدف تمكين المدنيين من الحكم، عبر انتخاب حميدتي بالقوة بدلاً من سلطة الأمر الواقع التي يفرضها الجيش بالقوة.

كان السودان بلد اللاءات الثلاثة "لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف بإسرائيل" حتى قرر المجلس العسكري بقيادة البرهان إضافة "لا" رابعة وهي "لا للـ اللاءات الثلاثة"؛ فوقعت عدة اتفاقيات بين الجانبين بهدف تعزيز آفاق التعاون المشترك في مجال الإطاحة بالمدنيين ونهب الدول.