لماذا تسعى أميركا لحظر تيك توك؟ أنت تسأل وفيسبوك يُظهر لك إعلان يوضح مخاطر التجسس الصيني
فتحي العترماني - مراسل الحدود لشؤون الأسواق مفتوحة المصدر
٢٨ مارس، ٢٠٢٣

أثناء تزكية صيامه بتصفح وسائل التواصل الاجتماعي وتوزيع الإعجابات والتفاعلات وبياناته الشخصية بدون حساب، شاهد رشاد عبد المتكبر مقطعاً من جلسة قبضايات وجِدعان الكونغرس الأميركي لبهدلة الرئيس التنفيذي لتيك توك زي تشو وبطحه أرضاً ووضع الشفرة على وجهه وتهديده بحظر شركته تماماً إن لم يوافق على بيعها للأميركان، بعد أن أثبتوا لأنفسهم أنه سرق حقوق مواقع التواصل الاجتماعي الأميركية في السيطرة على بيانات المستخدمين، واحتفاظ شركته تحتفظ بتلك البيانات ومنحها لحكومة بكين مجاناً بدل بيعها لكامبردج أناليتيكا أو للمعلنين على محرك البحث غوغل.
تساءل رشاد في قرارة نفسه عن السبب الحقيقي الذي يدفع أميركا لحظر تيك توك، قبل أن يتابع هوايته بالسكرول داون، ليتعثر بعد منشورين بإعلان يوضح مخاطر الخصوصية التي تحملها التطبيقات الصينية، ومقطع آخر مُموَّل يحذره من مخاطر سيطرة الصين على بياناته إن شاهد مقاطع تتعلق بالحظر الأميركي لتيك توك، ومقطع لرجل صيني يطبخ البشر مع صلصة العقارب وسُمّ الأفاعي.
لكن رشاد لم يصدق ما رآه، ولجأ لنا بالسؤال، لثقته المحقة أن الحدود منبر الحقيقة الوحيد على الإنترنت، فأوكلت بالمهمة رغم أنني ضليع بفنون الطبخ والتطريز ولا علاقة لي بالتكنولوجيا، وحين كتبت في المسودة على هاتفي، تحول يوتيوب وغوغل نيوز إلى شريكين تحريريين، وأغرقاني مشكورين بالفيديوهات والأخبار والتحليلات ذات الصلة، جمعت خلاصتها فيما يلي:
صَون خصوصيتك
البيانات نفط القرن الواحد والعشرين وذهبه ونحاسه ويورانيومه. لكن الدول لا تستطيع إنشاء قواعد عسكرية في الخليج لحمايتها؛ لذا، تبقى بياناتك وخصوصياتك مشاعاً بيد مراكز البيانات التي تخزنها وتُحَللك وتصنفك وتسعّرك وتعلقك للعرض خروفاً مربرباً في سوق البيانات. لكن الله كبير لا ينسى عباده، خلق الحكومات تُفصِّل القوانين لتُصبح صاحب الحق الحصري والوحيد في بياناتك وخصوصياتك، وتُحَلِلك وتصنفك وتسعّرك وتعلقك للعرض خروفاً مربرباً في سوق البيانات، ولكن ضمن أطر تشريعية واضحة تطمئن لها حضرة جنابك.
ترويض التنّين الصيني
تسللت الصين عبر تيك توك وخوارزمياته ومؤثريه لتروج آيديولوجيات الحزب الشيوعي الحاكم ونشر الثقافة الصينية حول العالم. لقد بدأت تنفيذ مخططها بفيديوهات قصيرة لكلب ينزلق عن الكنبة، ولكن ستتمادى وتنتج أفلام البروباغندا، وربما تشيد مدينة "تشايناوود" لتصنع رامبو وتيرمينيتور وجاكي شان خاصين بها وتنتج أفلاماً لا ينزل فيها الفضائيون إلا على الأراضي الصينية لينقذ الكوكب أبطالٌ صينيون.
البلدية تنظّم القرية الصغيرة
نعرف أن العالم قد تحوّل إلى قرية صغيرة بفعل الإنترنت. ولكن يبدو أن هذه القرية تعاني من انقسام مختار الحارة الأميركية ومختار الحارة الصينية لرغبة كليهما فرض قوانينه على القرية بأكملها، في ظل عدم وجود رئيس بلدية فحل يضع الأمور في نصابها ويفرض تنظيماً يفصل بين الأحياء ليبيع كل حيّ بياناته وخدماته ضمن حدوده وتقاسم زاروب الشرق الأوسط ضمن عمليات التنظيم.
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.