لايف ستايل، دراسة

مبادئ التفكير النقدي: أيهما أهون، أن يراك الجيران تنشر الغسيل أم يروا زوجتك تنشره؟

توفيق فراير - مراسل الحدود لشؤون الذكورة الجريحة *

Loading...
صورة مبادئ التفكير النقدي: أيهما أهون، أن يراك الجيران تنشر الغسيل أم يروا زوجتك تنشره؟

تتوهَّم شرائح واسعة من المجتمع أنّ الزواج يريح الذكر ويساعده على الاستقرار بعد أن يعتلي عرش الأسرة والزوجة وينجب أطفالاً ويقود الجميع ويوجه حياتهم ويغرس فيهم عاداته وتقاليده واحتياجاته ومزاجه، لكنّ الحقيقة أنّ حياة الذكر ليست بهذه البساطة، فما أن تنتهي الزفَّة والعرس ويغلق باب البيت حتى يصطدم بالثمن الذي يتوجب عليه دفعه من وقته وفكره وأعصابه لإحكام السيطرة على ممتلكاته وحماية سلطته من الاعتداءات الخارجية. ولعل المعضلة الأكبر التي ما زال يواجهها تكمن في مهمة نشر الغسيل التي تهدد بزعزعة صورته ليظهر ديك مزبلة مهلهل بين فحول الحارة.

يمكننا تلخيص هذه المعضلة بسؤال بسيط يطرحه الذكر على نفسه: كيف يُنشر الغسيل دون أفقد شرفي؟ إنها معضلة أخلاقية تنطلق من منطق (إما/أو) الذي طرحه الفيلسوف المرحوم سورِن كيركيغارد: إما المتعة: أي أن أسترخي في المنزل كما أفعل عادةً وأترك زوجتي تنشر الغسيل، وأتحوّل إلى علكة في أفواه الجيران ويقولوا عني أبو قرون يترك زوجته تقف أمامهم ثم تنحني أمامهم لتلتقط الغسيل ثم تقف أمامهم مجدداً وترفع يديها أمامهم لتنشره وتنشر ملابسها الداخلية أمامهم أيضاً، أو الأخلاق: أي أن أنشر الغسيل بنفسي، فأحفظ زوجتي من كلام الناس الذي ثبت أنه عكس ما قاله المفكر الكبير جورج وسوف: يُقدّم ويؤخر ويرفع وينزل ويؤلم، فأتحوّل إلى علكة في أفواه الجيران ليقولوا عني طرطور إمعة أبو قرون تجبره زوجته على الوقوف والانحناء والوقوف ورفع يديه أمامهم لينشر الغسيل ومعه ملابسها الداخلية أيضاً، بينما تضطجع وتضع ساقاً على ساق تُدخن الأرجيلة وتشرب الشاي.

إن احتمالية تعرض الزوج/الذكر لهذا الإخصاء المعنوي تتسبب باحتراقه نفسياً، لشعوره بأنّ كيانه الصلب يوشك على الانهيار بسبب سلّة الغسيل، وأنّ سنوات العمل الدؤوب لتشييد هذا الكيان عبر مسائل جوهرية مثل أغشية بكارة حريمه ومدى اتساع ملابسهن ودرجة علو صوتهن في حضرته يهددها جي سترينج مُعلّق في مهب الريح.

ونظراً لحساسية الموقف وصعوبة الخوض فيه علناً كي لا تتمرمط كرامتك أمام الحاقدين الذين لا يفعلون شيئاً سوى الرقص على جراحك، ومراعاةً لاستحالة أن تناقش هذه الجراح مع معالج نفسي لأن الرجل الحقيقي لا يتمدد ويشكي همومه كالنسوان، شاركنا في شبكة الحدود شبكة فبراير جلسات دعم معنوي بعنوان "العمل النسوي وأسئلته المتجددة"، وتبادلنا الفضفضة عن هواجسنا وهمومنا، وعدنا وقد عقدنا العزم على مساعدتك في التوصل إلى نتيجة مرضية عبر إخضاع الأزمة لبعض أساسيات التفكير النقدي.

من هو الرجل الرجل؟

لدى تسليمنا بأن الذكر المعاصر طوّر قلق الإخصاء متجاوزاً الخوف البدائي من خسارة قضيبه فقط، نُقرّ بأن مفهوم الرجولة تطوّر بدوره واختلف باختلاف الحضارات والثقافات، ما يُحيلنا إلى ضرورة تحديد السمات الرئيسية للرجل في مجتمعنا قبل الخوض في إمكانات وسبل إخصائه. ولتحديد هذه السمات اتبعنا منهجية الاستدلال الاستقرائي، حيث أوفدنا مندوبينا إلى المقاهي ومجالس الشدة وجاهات الخطوبة وغيرها من أماكن تجمع التستوستيرون لاستخلاص صفات الرجل الرجل، وجاءت النتائج على النحو التالي: 

ثانياً. قانون مورفي

تثبت هذه النتائج المتناقضة بشكل مقلق أنّ اتباع قواعد التفكير المنطقي في مسائل الرجولة لن يفضي إلى نتائج مُرضية لفحولة الرجل، بل قد تخلق قلقاً هوياتياً جديداً وتدفعنا إلى الإيمان بقانون مورفي الذي يؤكد أنّ أي شيء بإمكانه أن يسير بالاتجاه الخاطئ سيسير بالاتجاه الخاطئ: فإن نشرت الغسيل بنفسك سيُهزّؤك الطفل حمودة ثم يركض ليخبر أمه أنك حُرمة تنشر الغسيل، لتخبر زوجها بذلك؛ ولا تنقضي نصف ساعة حتى يذهب أبو حمودة إلى المقهى ويناقش المسألة مع أبو طلال، الذي سيذكره بأنك لا تنشر الغسيل فحسب بل تتقاضى راتباً أقل من راتب زوجتك وتشتري السجائر بالدين، ثمّ ينضم إليهم زميلك في العمل الذي سيؤكد بدوره شكوك رجال الحارة بأنك حشرة تتصبح ببهدلة من المدير -الأرجل والأقوى منك- وتتمسى بصراخه دون أن تجرؤ على صده.

أما إن كلّفت كريمتك بمهمة نشر الغسيل، فلن تظل كريمتك بعد الآن، إذ سيلمحها حمودة على الشرفة ثم يركض ليخبر والدته التي ستنقل الخبر فوراً إلى زوجها الذي سينادي أبو طلال وأبو سمير وزميلك في العمل ليتفرجوا عليها أثناء مناقشتهم أنك لا تترك زوجتك تنشر الغسيل فحسب، بل تتقاضى راتباً أقل منها وتستدين منها ثمن السجائر، ثمّ يؤكد زميلك شكوك رجال الحارة بأنك مجرد حشرة في العمل وأن مديرتك امرأة.

ما العمل؟

قد ينصحك دعاة المنطق والتعقل بأن تلملم بقايا ذكورتك الجريحة وتنضم إلى الحراك النسوي رامياً أزمات نشر الغسيل وراء ظهرك، مستمتعاً بإمكانية أن تكون رجلاً حراً مسؤولاً عن نفسه فقط يتقاسم الأعباء المادية مع شريكته ويستغل وقت فراغه في تطوير مهارات جديدة غير مرتبطة بالنساء، لكنّ الرجل الرجل لا يختبئ خلف إصبعه، ولا يرمي الأزمات وراء ظهره، ولا يستمتع ولا يتعقّل، بل يتصرف كما الرجال الرجال: يُطلق حيواناته المنوية فينجب رجالاً صغاراً ينشرون الغسيل عنه وعن امرأته، إلى أن يكبروا بالقدر الذي يجعل نشر الغسيل أزمتهم الخاصة ثمّ يورثونها لأبنائهم فأبناء أبنائهم فجيلاً بعد جيل.

*احرص على قراءة المقال بعد فتح المتصفح الخفي واتباع كافة الخطوات الآمنة التي تتبعها عند مشاهدة الأفلام الإباحية

شعورك تجاه المقال؟