دراسة: الطبيب يُثرثر أكثر من الحلاّق ولكن لا أحد ينتبه إليه
د. عليا قلامة - حاصلة على البورد الأميركي في الكتابة الساخرة
١٦ مارس، ٢٠٢٣

أكدت دراسة أعدها مركز الحدود لأبحاث الثرثرة واللغو (م.ح.أ.ث.و.غ) أنّ الطبيب يسرد قصصاً عن زوجته وأولاده وجولاته وصولاته وطلعاته ونزلاته ومراحل تطور عبقريته التي فشل زملاؤه الأطباء في موازاتها وعملياته التي أجراها ووثقت في كبرى المجلات الطبية، حتى يُنهك أعصاب المريض فيهرب مسرعاً، كما يهرب الزبون من صالون الحلاقة دون أن ينظر في المرآة ويدرك أنه حصل على تسريحة بائسة ولم يعرف أي معلومة مفيدة عن أسباب تساقط شعره رغم كل القصص التي رواها الحلاق عن الرؤوس التي أنقذها من الصلع حين كان طالباً في هارفارد.
وتُبيّن الدراسة أنّ حرف الدال الذي يُزخرفه الطبيب قبل اسمه وإجباره المرضى على تحديد مواعيد مسبقة ثمّ تركهم ينتظرون ساعات في مكتب استقبال أنيق مليء بالمجلات العلمية، توحي للمريض بأنه في حضرة أبوللو إله الوباء والشفاء ما يمنعه من التركيز جيداً والانتباه إلى أنه يدفع خمسة أضعاف المبلغ الذي يدفعه عادة عند الحلاق لسماع نفس الحكايات.
ويأمل معدو الدراسة أن ينجحوا في تسليط الضوء على قضية ثرثرة الأطباء تمهيداً لإدراجها ضمن السلوكيات التي تنتهك حقوق الإنسان، لما تتضمنه من استغلالِ شخصٍ مريضٍ وضعيف نفسياً ينتظر نتائج فحوصاته بقلق عبر تعريضه إلى مختلف أنواع الهراء تحت تهديد الإبر المُخدرة والأدوات الطبية الحادة.
شهادات
تقول شهرزاد (٢٧ عاماً) إنّها ذهبت إلى الطبيب كُ.أُ. في الثامن من نيسان عام ٢٠٢٠، حين كانت تعاني آلاماً في الجهاز الهضمي، ليُمددها على سرير العلاج ويُسجل مجموعة من الملاحظات على دفتره الخاص ثمّ يبدأ حديثاً مطولاً عن الوجبات التي تسبب له آلاماً في المعدة لكنه يتناولها على أي حال حين تعدها والدته، التي تزوجت والده عام ١٩٨٨ بعد قصة حب مدهشة "استمر في الحديث حتى وصلنا إلى نهاية الموعد فوصف لي بنادول إكسترا ولم تتح لي معرفة تشخيصه لحالتي حتى يومنا هذا".
أما خالد (٣٤ عاماً) فيؤكد أن تجربته أكثر قسوة، حيث أقدم طبيب الأسنان على تخدير فكه ثمّ دحش يده في حلقه ليمنعه من الكلام، قبل أن يباشر محاضرة مطولة عن أهمية الاستعمار والدور الإيجابي الذي لعبته فرنسا في تثقيف الشعوب الأفريقية، تعقيباً على حديثه في الجلسة السابقة عن رحلته المثيرة إلى باريس.
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.