دليلك السينمائي من الحدود لتحدد *** أخت موقفك من فوز «كل شيء في كل مكان وفي آن واحد» بالأوسكار
فتحي السينيفيلي - مراسل الحدود لشؤون نقد الناقدين
١٥ مارس، ٢٠٢٣
انتهت مراسم النسخة الخامسة والتسعين من حفل توزيع جوائز الأوسكار الذي جاء مخيباً لتوقعات الكثير من الزملاء النقاد ومحبي السينما لأنه لم يخيب توقعاتهم للفائزين فيه، وفاز فيلم (كل شيء في كل مكان في آنٍ واحد) ولأنك، عزيزي القارئ، متابع وفيّ للفن السابع، تشعر بالأفلام ولا تكتفي بمشاهدتها، بل تعيشها في يومك، يبدو أن الأمر جعلك تشعر بكل شيء في كل مكان وفي آنٍ واحد، وتطالب بكل شيء في كل مكان وفي آنٍ واحد، وتنتقد أشياء احتفيت بها في آنٍ سابق.
ناقد الحدود هنا لمساعدتك. هدّئ من روعك قليلاً، وخذ كأساً من محلول تحميض الأفلام الملونة، وتعال معي لنفكك كادرات المشهد المعقدة التي رسمت موقفك المتداخل تجاه فوز الفيلم.
حدد أولوياتك الفنية
قبل الغوص في حيثيات الفيلم وميزانسيناته* وموقفك منها، دعنا نحدد موقفك من جائزة الأوسكار نفسها. فهل فوزه بها عارٌ وسقطةٌ للفن السابع كما تدّعي؟ أم أنها لا تقدم ولا تؤخر بحسب رسالة المخرج إنغمار بيرغمان التي طالب الأكاديمية فيها بعدم ترشيحه مجدداً واحتفيت بها؟ أم أنها أنصفت ليوناردو دي كابريو عام ٢٠١٦؟ أم أن عدم فوز جوني ديب بها لا يحط من شأنه شيئاً؟ أم أن فوز دانيال دي لويس بها ثلاث مرات جعله يتربع على عرش الممثلين؟
بموجب إجابتك على الأسئلة أعلاه، ستستطيع تحديد ما إذا كان الفوز الأخير سقطةً للسينما أم للأوسكار أم لقدرتك على تحكيم المنطق.
ما تعريفك لـ "الأجندات"؟
اتفقنا على أن مشاهد القبلات المثلية هي "البلان بي" لجعل أطفالك مثليين بعدما فشلت مئات الساعات من مشاهدتك مقاطع الليزبيان الإباحية في تحويلك للمثلية. آمنّا وصدقنا، لكن هذا الفيلم لا يركز على المثلية، إلا أنك ركبت رأسك وتابعت مهاجمة "الأجندات"، ليتضح أنك قرأت ذلك على إحدى الصفحات الأجنبية ووجدت أن تكراره سو كوول.
هنا يجدر التنويه إلى اختلاف "الأجندات" بحسب مكان الإقامة، ربما لا ضير من تذكيرك أن اسمك ليس (جون)، ولقبك ليس (أندرسون)، ما يعني أن حديثك عن ثقافة صحوةٍ يحاول الفيلم من خلالها تطبيع وجود المهاجرين وتعزيز الاندماج الثقافي ليس من صالحك. كما ننصحك بعدم الحديث عن خطورة دس أفكار الاستبدال العظيم في الأفلام أثناء مقابلتك مع السفارة الفرنسية.
كيف تودّ أن تظهر؟
سئمت من نظرة هوليوود العنصرية التي لطالما صّورت العربي في أفلامها إرهابياً أو ثرياً أحمق من الخليج. كما مللت من ابتذال مسلسلات "رامي" و"مو" وغيرها التي أظهرته شخصاً طبييعاً له محاسنه ومساوئه يحاول اكتشاف ذاته في المجتمع. كما لم يرق لك تجسيد شخصية أبو شهاب لرجال الزمن الجميل، وانتفضت عند مشاهدة الانفتاح الزائف في فيلم الخيال العلمي "أصحاب ولا أعز". وعليه، أدركت شركات الإنتاج فشلها في المجال الذي دخلته طمعاً بأموالك، وقررت التوجه لفتح سلاسل محلات لبيع عصير الرمان إلى حين كتابة الشخصية التي تمثل حضرتك بحق.
*ليس خطأً إملائياً، وإنما مصطلح يعرفه الراسخون في السينما.