الدولار الجمركي، الفريش دولار، الدولار المجمد ودولارات أخرى لم تكن تعرف عن وجودها في لبنان
خميس العتة - مراسل الحدود لشؤون الشعور بالإنجاز لدى فهم ما يجري في لبنان ثمَّ حدوث كارثة تعيده إلى نقطة الصفر ليبدأ البحث من جديد
٠٩ مارس، ٢٠٢٣
منذ نجاح الزعماء الفينيقيين في حماية كل منهم جماعته داخل أسوار المدينة الخاصة به، وتعايشهم مع بعضهم بتوزيع أراضي المنطقة بينهم، أصبحوا يعتمدون فلسفة التقسيم والتصنيف في كل شيء؛ فمهما اختلفت الظروف ومهما تغيرت الأنظمة السياسية والاقتصادية التي تحكم العالم، يبقى لبنان الثابت الوحيد، إلى جانب نبيه بري.
وتتجذّر هذه الفلسفة في مختلف جوانب حياة اللبنانيين، من توزيع المناصب على قادة الدولة، إلى توزيع البشر على مقياس من السيئ إلى المقبول فالجيد بحسب كمية الحمض النووي اللبناني في جسمه، وعدد الكلمات الفرنسية التي يحفظها وأيديولوجية الزعيم الذي يضعه تاجاً على رأسه. بالإضافة إلى الحمل المُلقى على كاهل المواطن اللبناني، الذي تتوجّب عليه المفاضلة بين مختلف أنواع الدولارات لينجو بعد انهيار اقتصاد بلاده وتحول عملته إلى مستطيلات ملوّنة عليها رسومات جميلة وأرقام فلكية.
فكما غير اللبناني أدنى من اللبناني، وهذا اللبناني أفضل من ذاك اللبناني، لم تُخلق الدولارات سواسية؛ وتختلف قيمتها بحسب بلد المنشأ، وفي حساب من تودع. ولتتمكن عزيزي القارئ من فهم المتاهة الدولارية اللبنانية، لا يكفي أن تعرف أسماء بعضاً من تلك الدولارات، بل تجب عليك المواكبة والبحث والتطوير الذاتي كل يوم، حيث يبدع لبنان في اختلاق دولارات جديدة دورياً.
على سبيل المثال، الدولار الجمركي، المعروف أيضاً بالدولار عديم الفائدة، هو الذي تُحسب على أساسه قيمة الرسوم والضرائب رسمياً، قبل أن يتجاهلها الجميع باستثناء البنوك في حال قرر مواطن شراء الليرة منها، وذلك لاستحالة الاستفادة منه عملياً لعدم أخذه تكاليف الاستيراد الإضافية في الحسبان، مثل تقديم الهدايا لأبو إيليا كي يمرّر البضاعة، وتوزيع حصة منها على أبو علي كي لا يسرق الشحنة بأكملها. أما الدولار الفريش فهو أحلى دولار؛ يصل إلى لبنان ساخناً وطارجاً مباشرة من فرن الأرصدة الأجنبية، لذلك تنقض الحكومة عليه لتأخذ حصتها مباشرة منه قبل أن يبرد.
أنواع أخرى من الدولارات:
يُفترض أن يخبأ الدولار المجمّد لوقت الحاجة، لكن للأسف تقاعس الفنّي رياض سلامة عن صيانة الفريزر، وباعَ الضاغط ثمَّ ركّب قفلاً على الباب وابتلع مفتاحه قبل أن يختبئ ويعلن استقالته وعدم مسؤوليته عن أي شيء له علاقة بالبرّاد.
بينما الدولار المعفن فهو الدولار الموجود في أرصدة المواطنين اللبنانيين الذين لم ينفذوا -حتى الآن- اقتحاماً مسلحاً لفرع أي بنك؛ حيث تراكم فوق تلك الدولارات العفن والأوساخ. ويرجح محللون أنَّ البنوك تخلّصت منها بعدما وصلت رائحتها إلى المدراء في الطوابق العليا.
أمّا الدولار المُهاجر فهو ما تمكّن أصحاب النفوذ والزعماء في تغليفه وشحنه إلى الخارج بالتعاون مع رياض سلامة. لكنّ مصير هذه الدولارات غير مضمون، فعلى عكس الصادرات اللبنانية الخضراء الأخرى، لا تثق الدول الأخرى بمصدر هذه الدولارات ومدى مطابقتها لمعايير الاستهلاك.