لايف ستايل، دراسة

هل يؤلمك رأسك حقاً أم أن ألم حلقك يوهمك بوجع الرأس، أم يؤلمك فقط عندما تفكر بوجع رأسك؟

سلمى النوافير - مراسلة الحدود التي تناولت رأس ثوم كامل قبل كتابة المقال

Loading...
صورة  هل يؤلمك رأسك حقاً أم أن ألم حلقك يوهمك بوجع الرأس، أم يؤلمك فقط عندما تفكر بوجع رأسك؟

تصدّر الفيروس المخلوي التنفسي -يُعرف دلعاً بـ "آر إس ڤي"- المشهد العام هذا الشهر بفوزه على فيروس كورونا من حيث عدد البشر المكترثين لأمره، ولكن كونه بطل الشاشة لهذا الموسم لا يعني أنّ الشاشة لا تتسع لأبطال آخرين إذ، يا عزيزي القارئ، إن المصائب لا تأتي فرادى، ولا تذهب لتعود لاحقاً، ولا تأخذ إجازات، بل تظل جاثمة علينا ويفنى الجنس البشري وتظل مشاكله حيًّ تسعى لا تموت.  

هذا الفيروس لم يستطع استبدال قرف أزمة السير الساعة الثانية ظهراً أو الحساسية الشتوية التي تأتي بعد الحساسية الخريفية بعد تلك الصيفية، أو صوت مضخة المياه يزن وينخر دماغك يوم الثلاثاء عند الساعة الرابعة صباحاً، أو جعير فريد -يعرّفه بـ "الغناء الصامت"- للأغاني في المكتب المشترك وهو يضع سماعته ويظن أنّه ينافس وائل كفوري في الحساسية والرقة.

العمل لا ينتهي، صوت مُديرك يتوغل في أُذنك الوسطى ليكون الشرارة وعصبك السمعي الفتيل. تخيّل كُل هذا يحصل في آن واحد؛ أنت مريض بالسعال الديكي، أنفك يسيل، ترتعش من البرودة، تتعرّق من الحرارة، تعطس من الحساسية، فريد يغني، ماما تتصل، ويندوز يتذكر لزوم التحديث، الإكس على البال في نفس الثانية التي سكبت بها جُمانة القهوة على حذائك الجديد. آآآآه تمسك جيوبك. آلمك رأسك من قراءة هذه المواقف؟ مممتتتااااز، هذا المطلوب. الآن لنتأمل تجربة ألم الرأس هذه التي تشعر بها الآن ونتقصّى معاً احتمالات مسبباتها.

صورة من الأرشيف لفريد الزفت
صورة من الأرشيف لفريد الزفت

الاحتمال ١: رأسك يؤلمك حقاً

نعم رأسك يؤلمك حقاً. هكذا من عند ربنا؛ خُلقت يا عزيزي ورأسك يؤلمك، والغشاء حول دماغك ينكمش ويصطدم المُخيخ في الجمجمة وتتقرح وتتورم قشرته. وفوق كل هذا الألم البيولوجي، فأنت لا تشرب المياه إلا عندما تكون مخلوطةً ببُن أو مواد غازية أو فودكا مع البرتقال. نعم رأسك يؤلمك حقاً لأنه يؤلمك حقاً، لأنه يتأوه، ويتلوى، يكفيه أنّه يضطر لحمل مُخّك الذي تعجز أنت نفسك عن حمله، ولو لرأسك رأساً لكانت فكرة أنّه على جسمك كفيلة بجعل رأس رأسك يتوجع.

الاحتمال ٢: رأسك يؤلمك لأن حلقك يؤلمك

رأسك يؤلمك، هذا أمرٌ اتفقنا عليه. تقرص أعلى أنفك وتعصر وجهك وعيونك. يدغدغك حلقك. هل يؤلمك رأسك لأن حلقك مُلتهب؟ هناك شيء يحك قصبتك الهوائية. لعنة الله على فريد، من المؤكد أنّه عداك بدائه المقرف عندما سعل على تلك الورقة قبل أن يسلمك إياها. تباً، أنتَ مريض. آخ، رأسك يؤلمك. جسمك ذكي، وحنون، يحبك، وإن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر، فوجع رأسك، ولو كان يومياً نتيجة العيش على هذا الأرض، فهو أيضاً نتيجة وجع حلقك. أُنظر إلى الجانب الإيجابي من هذه الأزمة؛ تخيّل لو بدأ حلقك يؤلمك كلما آلمك رأسك. ستحمد ربك على هذا الحال، أليس كذلك؟

الاحتمال ٣: رأسك يؤلمك من التفكير بألم رأسك

آها، بدأنا الآن نصل إلى المعضلات الفلسفية والحلقة اللامتناهية والدوائر المُفرغة والتي تلف وتلف وتلف حتى تقع على الأرض مغشياً عليك من الدوار واللعيان. رأسك يؤلمك، هل يؤلمك رأسك؟ آخ رأسك لا يؤلمك، لا بل يؤلمك، هل رأسك يؤلمك لأنك تظن أنّ رأسك يؤلمك؟ أو تظن أنّ رأسك لا يؤلمك حقاً لكنه يؤلمك لأنك فقط تفكر بأنّه يؤلمك؟ أين تنتهي هذه المُعضلة؟ أثبتت الدراسات أنّها لا تنتهي بل تتبع قانون ميرفي الذي يقول إن كل وجع رأس يحدث أو سيحدث أو تتوقع حدوثه أو لم يحدث، سيحدث.

شعورك تجاه المقال؟