لايف ستايل، خبر

قصة نجاح: مثقف يعتاش على ٥٠ صفحة قرأها منذ ١٠سنوات

ياسمين برهل - مراسلة الحدود لشؤون المقاهي الثقافية

Loading...
صورة قصة نجاح: مثقف يعتاش على ٥٠ صفحة قرأها منذ ١٠سنوات

نجح الشاب سليم بكلات في شق طريقه ووضع بصمة في عالم المثقفين بوصفه مثقفاً عضوياً ملتزماً، نوعياً ونخبوياً، يناقش قضايا على مستوى رفيع ويتحدث عن الوضع الراهن وعن الأممية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وتحديات الخامسة ويستشرف مستقبل الحركة النسوية في العالمين الأول والثالث ويجادل بتقاطعات الاستعمار مع كرة القدم والنزعات العدمية لدى مفكري القرن التاسع عشر وانعكاسها على المجتمع الما بعد بعد حداثوي، وذلك دون أن يضطر لقراءة أكثر من الخمسين صفحة التي قرأها من كتاب هكذا تكلّم زرادشت قبل عشرة أعوام. 

صعوبة ظروفه الثقافية وشُحّ موارده المعرفية لم يقفا عائقاً أمام إيمانه بنفسه كمثقف، بل رفعا سقف التحدي لديه ونجح في حلب الخمسين صفحة وتوزيع خلاصتها على عدد لا نهائي من النقاشات الجدلية التي خاضها خلال العشرة أعوام السابقة؛ ليستحضر الإنسان السوبر مان (الأوبامنش، كما يُفضل أن يُسميه) في الحديث عن أزمة الإنسان المعاصر وأحداث الربيع العربي، ثم يؤكد أنّ "الأرض مليئة بالفائضين عن اللزوم" عند مناقشة قضايا حقوقية لأقلية لا تُعجبه أو لدى عجزه عن فهم ماهية قضاياها، وحين ينهال عليه مناقشوه بمعلومات لا يعرفها يختتم الحوار بالتأكيد على أنّه "كلما ارتفع أكثر كلما بدا أصغر حجماً لأولئك الذين لا يجيدون الطيران" وانسحب من الجلسة مثقفاُ غاضباً. 

ولا يُنكر سليم أنّه واجه بعض الصعوبات خلال مسيرته الثقافية "خصوصاً في السنوات الأخيرة؛ إذ بتنا نعاني من أزمة ثقافة حقيقية تقض مضجع المثقف وتورطه. أذكر قبل عشر سنوات حين كانت الجدالات الفيسبوكية في أوجها ونجوم الثقافة في بداية مشوارهم، كان مجرد اقتباسي لمقولة عن نيتشه مؤلف كتاب هكذا تكلم زرادشت يمنحني المصداقية والعمق ويضعني في مصافِ النخبة، ثمّ جاءت أشهر صعبة بدأ فيها رواد فيسبوك يُشككون بعبقرية الرجل ويتطاولون عليه مناقشين فلسفته وينبشون له اقتباسات تنم عن حماقة؛ لاضطر للتأكيد على أنّ هذه الاقتباسات من الصفحات التي لم أقرأها من الكتاب بعد وأنني سأنهيه قريباً وأعود للنقاش، كان ذلك قبل أن ألجأ إلى تكتيك "له ما له وعليه ما عليه" ومن ثمّ استراتيجية "لقد قرأت الكتاب منذ زمن ولم أعد أتذكر تفاصيله، لكنّكم تنزعون كلام الرجل من سياقه".  

وينصح سليم المثقفين المستجدين على كار الثقافة أن يختاروا الكتاب الذي ينوون قراءة خمسين صفحة منه بعناية "الثقافة ليست بعدد الكتب التي تقرأها، إنما بعدد المصطلحات الجذابة والعميقة الموجودة في الكتاب وعدد النقاشات التي يُمكنك توظيفها بها. كنت محظوظاً مع نيتشه فحتى اسمه ينم عن العمق، لكنّني أنصح الأجيال الجديدة باختيار كتب أكثر حداثة لمجاراة التطور المعرفي، كتب تتضمن مصطلحات عصرية أصادفها باستمرار على صفحات أصدقائي المثقفين مثل "النسوية المتطرفة" و"ثقافة الإلغاء" أو بإمكانهم الاكتفاء بمشاهدة مقابلات الفيلسوف والمفكر وعالم النفس جوردان بيترسون عبر يوتيوب".  

شعورك تجاه المقال؟