تغطية إخبارية، خبر

مهاجر في ألمانيا يشعر وكأنه في وطنه فعلاً بعد أزمة الطاقة ومحاولة الانقلاب

فاتن هيصة - مراسلة الحدود لشؤون متلازمة قلق ما-بعد-الصدمة

Loading...
صورة مهاجر في ألمانيا يشعر وكأنه في وطنه فعلاً بعد أزمة الطاقة ومحاولة الانقلاب

بعد قراءته خبر اعتقال ٢٥ يمينياً على خلفية تخطيطهم لانقلاب سياسي، وبعد أشهر طويلة من أزمة حادة في الطاقة والكهرباء والارتفاع المطّرد في أسعار السلع الأساسية، ارتبك المُهاجر سالم القطورور ومر شريط رحلته التي شقها بالأظافر والأسنان إلى بلد الديمقراطية والثبات والملل الإيجابي أمامه بعدما دارت الغرفة من حوله وانتابه شعورٌ يمزج بين حميمية الوطن ورعب الاغتراب أعاده مُباشرةً إلى الأرض التي تركها وظنّ أنّه مضى عنها وعن أوجاعها قدماً.  

يتعرق ليلاً رغم البرد الشتوي الذي يتسلل إلى عظامه. "هل أنا في دمشق؟" يسأل سالم نفسه وهو نصف نائم ورائحة الشاورما من المطعم التركي أسفل بيته تلتصق بأنفه. يسمع على الراديو أنّ المجموعة التي تُريد أن تنقلب كانت تخطط لاختطاف وزير الصحة والدخول عسكرياً إلى مؤسسات الدولة و وتعيين أمين عام قطري للبودستاغ الاشتراكي الثوري وتصحيح مسار الإمبراطورية الرايخية الأسدية الخالدة ذات رسالة قمعية واحدة، يأخذ بضع دقائق ليعود إلى الواقع ويتأكد أنه ما زال في ألمانيا عندما لا يداهم منزله أحد يسأله عن ربه.

يعود لارتباكه عندما يرى كل الوجوه التي تحيط به ترمقه بنظرات ازدرائية وتبصق عليه وتحوطه بعنف. منذ سماع خبر الانقلاب يشعر أنّها مألوفة، يعرفها جيداً. في كُل مرة تصرخ عليه "geh zurück wo du hergekommen"، لا يستوعب بياضها وغرابة لسانها، ويجد نفسه مرمياً من تلقاء نفسه على الأرض يردد مرتجفاً "والله كنت مارر من هون بالصدفة يا سيدي".

في مكان عمله، يضايقه مُديره ويقول له إن ألمانيا ليست سوريا "أوروبا منارة التقدم والتطور السياسي، لا نتقاتل ونتعارك إلّا في صناديق الانتخابات". يقول لسالم إن هذه البلاد لا تتسع لمجموعات مختلفة من القيم، إمّا أن يندمج وينصهر وينعجن ويلتصق فيهم ومعهم ويصير مثلهم كتلةً لحمية بيضاء ولزجة ومتعجرفة باردة أو أن يظل متخلفاً داعشياً إرهابياً رجعياً. يتأمل سالم، هل المطلوب منه أن يحاول ويندمج، أو أنّ الدولة الألمانية كُلّها تحاول أن تندمج مع نفسها وتاريخها وتفشل في كل مرة؟

شعورك تجاه المقال؟