قصة كفاح: صحفي اسرائيلي اضطر للتنكر على هيئة إنسان من لحم ودم ومشاعر كي يستطيع تغطية المونديال
ليلى صمغلكي - مراسلة الحدود لشؤون الجهاد الصحافي
٠٤ ديسمبر، ٢٠٢٢
هذا الصباح، استيقظ البطل الصنديد موآب ڤاردي من نومه في غرفة الفندق المُكيفة بين وسائد ريش النعام والشراشف البيضاء. فرك عيونه، وغسل وجهه الأول والثاني، ونظّف الدم من على مجساته وتحت أظافره وبين أطرافه التي أخذت شكل المخلب المتصلب على زناد السلاح الذي حمله في شبابه مع رفاقه في الجيش الإسرائيلي في مسيرة كفاحه السابقة.
توجه موآب إلى خزانة ملابسه وبحث بين أزيائه البشرية المكوية والموضبة بعناية، بين بدلات الجلد الأبيض والجلد أسود والجلد القرمزي والحراشف. انتقى إحداها أخيراً ليرتديها فوق جثته قبل أن يغلق السحاب ويخرج بهيئة إنسان من لحم ودم إلى شوارع الدوحة ويتماهى مع باقي الصحافيين. كُلّ هذا ليتمكن من مقابلة جماهير المونديال دون أن يعرفوا أنّه كائن غير بشري من صلب هلامي ويتغذى على قتل الأطفال.
يمشي موآب الصحافي المناضل بين الألغام البشرية من حوله. يجري وخلفه عفريته المصور، وفي يده الميكروفون، يتلفت، يراوغ، يتدحرج. يستذكر أيامه الغابرة عندما كان مقاتلاً بزيه الحقيقي الأخضر الزفتي الأقرب إلى قلبه. يمرُ أمامه شريط حياته وهو يرى حوله إخوته الصحفيين إسرائيليين يسقطون شهداءً في الميدان؛ أحدهم يجرُ مصرياً لمقابلته ليباغته برصاصة تحيا فلسطين. آخر "يتعربش" بلبناني ويكشف له إسرائيليته، فينسف وجوده وكيانه وهويته وكل تاريخه القصير بقذيفة إزدراء مباشرة.
يرتعب موآب ويتغوط في بنطاله. تصفر أذناه بدوي انفجارات الهتافات لفلسطين من كل حدب وصوب، لكنه من نسل محاربين لا يعرفون الخوف ولا الحياء. يقترب بحذر من عائلة سعودية، لعلهم لن يميزوه بتنكره الجديد على هيئة بشري. ربما لم يشاهدوا المقاطع المصورة عندما برزَ بهوية شفافة أدعى فيها أنه مجرد بني آدمي إكوادوري. رُبما سيظنون أنّه إنسان حقيقي ذو مشاعر، صحافي مدني، ليس هنا بمهمة «هاسبارا» استطلاعية خلف خطوط العدو الصديق.
يُفاجئه الرجل السعودي ويطلق قنبلة صراخ صوتية في وجهه. يطرده ويوبخه. موآب ينازع، ينسحب إلى الخلف قليلاً. وينتظر توقف القصف ليعيد انتشاره وترتيب أوراقه وتكتيكاته. يستجمع قواه، يتذكر زميله المؤثر الإسرائيلي من كتيبة ٩٣٢ من لواء ناحال وكيف انكسرت همته وغادر الدوحة بعدما تنكر على هيئة صانع سلام. يردد في قرارة نفسه أنه يستطيع، أنه قادر على الصمود، وسيقف سداً أمام سيل الشتائم والبصاق. سيناضل، وسينجو، ويعود إلى البلاد التي سرقها بطلاً قومياً يُحمل على أكتاف الحثالة، قبل أن يتوجهوا للاحتفال بحملهم ستارة حمراء تحوّط وتصون خصوصية جندي إسرائيلي يجر طفلة فلسطينية عند باب العامود.