لايف ستايل، الحدود تسأل والحدود تجيب

متى سيخرب شبشب الحمام؟ أنت تسأل والحدود تسأل

صبحي مراسم - مراسل الحدود لشؤون الربيع المنزلي

Loading...
صورة متى سيخرب شبشب الحمام؟ أنت تسأل والحدود تسأل

كل شيء في هذا العالم عرضةٌ للخراب والتدهور والتآكل والتبدّل إلا هو وحده؛ صامد في مكانه لا يتزحزح، تعاقبت عليه الأجيال، عاصره جدك وأبوك وسيحيا ابنك وحفيدك حقبته، فقد تجرّع إكسير الخلود ومرت عليه الحروب والأزمات والكوارث الطبيعية وهو مرتخ في مكانه غير مبال بما حوله لا يسأل بأحد طالما لديه القدرة والصلاحية على خلع كتفك أو كسر رأسك أو جلد قفاك متى شاء.

يحيط بك في كل حياتك، تراه عندما تحتاج قضاء أي حاجةٍ؛ سواء كانت كبيرة تقتضي منك جهداً وتركيزاً  أو صغيرة تقضيها على عجل. أينما تلتفت ستجده يرمقك بابتسامته الصفراء، وجلده السميك الذي بدت عليه تجاعيده، ليزرع الرهبة في قلبك ويذكرك أن هناك أشياء لا شأن لكَ في اختيارها ولا خَيار أمامك سوى التسليم بوجودها ومعاملتها بقدسية وإجلال رغماً عن أنفك.

 تسأل نفسك مِن أين جاء ومتى وكيف، وهل سيأتي زمن  ويتسلل العطب  إليه، و تشرق شمس الحرية عليك  فتختار واحدًا عوضاً عنه بملء إرادتك وعلى مزاجك؟ تتحدث مع أفراد عائلتك فرداً فرداً، تناقشهم بمطالبك المحقّة، ولكن لا أحد يستمع إليك؛ ولأنك صاحب طموح مشروع ومشروع طَموح تتمادى، وتبدأ محاولاتك للتخلص منه وإنهاء حقبته، تنزل إلى الشارع، ترفع الشعارات السلمية وغير السلمية: تندد، تحرض، تكتب، تغنّي، تشتم، تحتج، لكن بدلاً من اقتناص النجاح تنهال عليك الصفعات منه ومن حاشيته ومؤيديه، وتتعرض للعقاب العسير، وتعود صاغراً إلى حضنه، لتهرول إليه كلما انقلب على وجهه كي تعدّل وضعيته وتجعله يتابع مسيرته.   

نحن في الحدود، أخذنا تجربتك الوجودية معه على محمل الجدّ، ونؤكد لك أن غريمك ينحدر من سلالة عريقة مجيدة على عكسك، هذه العراقة ستجعلك كحشرة صغيرة اعتاد على سحقها، ولن تقوى على الوقوف أمامه أو أمام مؤيديه وأتباعه المستعدّين للتضحية بكل شيء والتنكيل بك وقمعك من أجل أن يبقى ولا يتغيّر، ونؤكد لك إحساسك أنك لستَ أنتَ مَن يملكه إنما هو مَن يمتلكك ويمتلك قدميك وخطواتك.

نطمئنك أنك أنتَ لستَ وحدك تعاني من هذه المحنة، وأن وضعنا أسوأ، لذا نرجوك ونشدّ على يديك وقدميك ونشجعك على مواصلة المحاولة بطرق جديدة مبتكرة تغسل فيها أدمغة مؤيديه، وتقنعهم بالتخلي عنه لأجل غدٍ أفضل، ونؤكّد لك أن الكثير من المحاولات في البيوت المجاوِرة قد نجحت في انتزاعه من مكانه  ونفيه إلى مزبلة التاريخ ليجد مكاناً بجانب جميع شباشب حمامات بيوت المنطقة؛ السوداء والبنية وزهرية اللون الجاثمة على صدورنا والمتشبثة براحات أقدامنا.

شعورك تجاه المقال؟