لايف ستايل، تقرير

سائق تكسي يأخذ على عاتقه تثقيفك سياسياً وتوعيتك اجتماعياً وهدايتك دينياً

بديع سلملم - مراسل الحدود لشؤون عصارة مدرسة الحياة

Loading...
صورة  سائق تكسي يأخذ على عاتقه تثقيفك سياسياً وتوعيتك اجتماعياً وهدايتك دينياً

فور رؤيته وجهك المكفهرّ والهالات الزرقاء والبنفسجية تحت عينيك، يدوس سائق سيارة الأجرة على المكابح بشدة، ليشير لك بعينه حتى تصعد معه، رافضاً خوض أي نقاش حول تعطّل العداد، مؤكداً أن الاختلاف على بضعة قروش لا يفسد للود قضية خاصة وأنّك أول زبون لليوم وافتتاحية مباركة بالصلاة على النبي، والمال وسخ الدنيا والمال والبنون زينة الحياة الدنيا.

هل ركبت؟ أهلاً وسهلا بكَ في هذه الرحلة التوعوية التي ستجعلك تشتاق لنصائح زوج عمتك. 

لا تحاول وضع السماعات كي لا تضطر لإزالتهم صاغراً والاعتذار للسائق الحكيم الذي سيضحي بنفسه ويتنازل عن خصوصياته في سبيلك فيسرد لكَ سيرة حياته ويُطلعك على قصة المرحوم والده وأسرار ليلة دخلته وحياة الشقاء التي عاشها، لعّلك تعتبر من كلامه وتنتبه على نفسك وتسلك طريقاً مختصراً كالطرق التي يسلكها الآن خلال رحلة توصيلك إلى وجهتك.

ويؤمن السائق بأهمية المنهجية الإصلاحية التوعوية المتبعة في أهم شركات التكاسي العالمية، والتي تبدأ بتشغيل الراديو على الأخبار ثمّ هز الرأس والاستنكار والتأفف من حال البلد وتردي الاقتصاد وشتم البلدية ووزارة السياحة بينما تجلس أنت صامتاً منكمشاً على نفسك لا تجرؤ على المشاركة في الحديث خشية أن يكون مخبراً لجهة أمنية، ما يساعده على سرد أفكاره بسلاسة دون مقاطعة، ليؤكد أن الشعب عبارة عن مجموعة من البغال والحمير لا ينفع معهم سوى أسد السنة صدام حسين أو أسد العروبة حافظ الأسد ليتعلموا النظام ويصبحوا بشراً.

وبعد تغطية الجانب السياسي، سيتطرق السائق إلى قضايا اجتماعية شائكة؛ فيُبطئ السيارة ليحملق بفتاة تمشي في الشارع ويتفحصها جيداً قبل أن يخرج المسبحة من جيبه ويستغفر ويؤكد أننا بلا شك وصلنا آخر الزمان وصرنا نرى بأم العين النساء السافرات اللواتي يرتدين شورتات فاتنة وملابس مثيرة ضيقة  ترسم تفاصيل أجسامهن ورغم ذلك هناك شباب شاذون يحرمون أنفسهم من هذه النعم.

وسيُشدد السائق على ضرورة تقيد الشباب بالنخوة والمروءة؛ فالرجال بأفعالها لا أقوالها، مُستنكراً ارتداءك شورتاً يكشف شعر قدميك "شباب هامل الله يصلحكم، لكنك تبقى رجلاً بخصيتين لذا عليك أن تتحلى بالخلق القويم..  خخووووووخئ، ملعون أبو الدخان والبلغم… ها أين كنا؟ نعم الخلق القويم والأهم يا عمو.. أووه هل تعلم أنك بعمر ابني الصغير حمودة؟ دعني أريك صورته".

ويختم السائق رحلتك بحثك على الزواج وإتمام نصف دينك، أو الزواج مرة ثانية -إن كنت متزوجاً- "أنصح جميع ركابي بالزواج، فالزواج حلاوة الروح، وضرورة حتى يكف الرجل شرّه ويجد من يعتني به ويسأل عنه. ها هي بنت الحلال زوجتي.. لحظة لو سمحت: ألو .. هممم..هممم لا، لاااا، لا يا بنت الكلب يعني لا، عندما آتي للبيت سألعن أبو شرفك وشرف أهلك يا #$@^ ……." لدى سماعك هذه الكلمات استغل الفرصة وحاول رمي الحساب في حضن السائق والنفاد بجلدك قبل أن يُنهي المكالمة.

شعورك تجاه المقال؟