كيس بلاستيكي يحلّق في الهواء مثيراً حسد كل العالقين على الأرض
آصف المنديل - مراسل الحدود لشؤون المصادفات الملهمة
٠٣ أكتوبر، ٢٠٢٢
اتجهت أنظار عدد من المواطنين ظهر أمس إلى الأعلى، تاركين أشغالهم واهتماماتهم اليومية، لمراقبة كيس بلاستيكي أسود اللون متوسط الحجم مليء بالغبار أثناء سباحته بحريّة في مجالهم الجوي، مسرعاً تارة ومتمهلاً تارة أخرى، في استفزاز لمخيلتهم وتحدٍ واضح لقدراتهم الجسدية المحدودة.
وخلال طوفانه العشوائي، تلوى الكيس وتراقص وتمايل وارتفع وخشخش، ثم راح يهبط ببطء شديد متجها نحو سياج شائك، قبل أن يغير اتجاهه نحو حاوية مشتعلة، وحين لم يعد يفصله عنها سوى بضعة أمتار، تمدد وأسلم نفسه للريح لترفعه أكثر فأكثر فأكثر فأكثر، ناسفاً آمال العديدين أن يكون ما رؤوه حالة شاذة لا تمت لواقعهم بصلة.
الخالة أم حاتم، أكدت أن الكيس بديع "وكأن الهم لا يشغل باله. يذكرني بنفسي قبل أن أضطر للالتزام بوظيفة وأسرة". أما الشاعر رزق الله جمال طحينة، فلفت أنظارنا إلى شعرية المشهد "هذا المسخ الفارغ الذي كونّاه فرّ بعيداً عن فوضى صانعيه حتى لا يضيع في متاهة الوجهات، سأصيغ أغنية تتفوق على أغنية أنا طير في السما، والتي أقص يدي إن لم يكن مؤلفها قد تأثر بمشهدٍ كطيران كيسٍ بلاستيكي مماثل".
وحرّض الكيس بطوفانه العشوائي آراء المجاميع التي راقبته بمشاعر متداخلة من الإعجاب والإلهام والغيرة والريبة والحسرة كطائر مهاجر من نوع مهدد بالانقراض، فرآه البعض رمزاً للتحرر من سلطة الواقع والمجتمع والحكومة، فيما اعتبر آخرون أن على الحكومة التدخل فوراً وإنزال الكيس الذي يمكن أن يتسبب طيرانه الحر خارج السرب بانحلال المجتمع، مشددين على ضرورة حرقه، لأن دفنه يعني إمكانية أن ينجو من التحلل تحت التراب.