اليمين المتطرف يؤكد استحالة إعادة التاريخ نفسه لأن معسكرات الاعتقال ستقتصر هذه المرة على اللاجئين والمثليين والمسلمين
مارثا هافلباف - مراسلة الحدود لشؤون القهقهة عند التوتر والقلق
٢٩ سبتمبر، ٢٠٢٢

شددت كافة أطياف اليمين الأكثر يميناً من اليمين الوسطي المُعتاد في أوروبا، في إيطاليا وهنغاريا والسويد وبولندا وإسبانيا وفرنسا، شددت على أنه، لا، صعودهم إلى سدّة الحكم أو اقترابهم منها ليس إعادة لثلاثينيات القرن الماضي ولا استحضاراً لمآسي الحرب العالمية الثانية، فهم يقرأون التاريخ ويتعلمون منه، مؤكدين أنّ هذه المرة مختلفة، نعم مُختلفة، فلن يكون هناك مخيمات اعتقال وتعذيب وتجارب علمية تُجرى على الأقليات المستضعفة من اللاجئين واليهود وشهود يهوه والتوائم والمسلمين والسلاڤيين والمثليين، بل ستقتصر فقط وحصراً على اللاجئين والمثليين والمسلمين.
وأعربت قيادات الأحزاب الفاشية عن فخرها بكونها الرائدة في التركيز على هذه الفئات دوناً عن غيرها وبذلها قصارى جهدها في تحييد خطر أفرادها على الأسرة الأوروبية الكبيرة التي تتسع لجميع البيض، لأن الدخلاء، وبإقحام أنفسهم في القارة، يهددون تماسك نسيجها المجتمعي ويلاحقون ذائقتها الجنسية الرتيبة ويسببون الحساسية لحليمات تذوق سكانها البليدة بتوابل ونكهات خطيرة.
وسخرت القيادات مِن هؤلاء السُذّج الذين يدّعون أنّ الفاشية والنازية تعود إلى أوروبا، موضحين بالدليل الملموس أنّهم حليقو الذقن لا يمتلكون شارباً قصيراً فوق الشفة، واسمهم من الواضح لأي غبي أنّه ليس موسوليني أو هتلر، كما أنها أحزابٌ تقدمية تقدر دور المرأة بدليل اقتراب لوبان من الحكم ووصول جورجيا ميلوني وليز تراس إليه؛ وهذه القيادات الحداثوية تتنوع ألوان أزياء جيوشها بين الأخضر والأخضر الغامق والبُني دون أن تشمل الأحمر والأسود والأبيض بتاتاً.
وأوضحت القيادات أنّ أي مقارنات تاريخية بين ظروف البارحة واليوم غير دقيقة، فلن تُهدَرَ الموارد بشكلٍ غير مسؤول في عمليات الإبادة الجماعية هذه المرة، خصوصاً في ظل أزمة الطاقة التي تعاني منها القارة وارتفاع الكُلف التشغيلية لغُرف الغاز والمحارق، إذ إن نشاطات القتل الجماعي ستنحصر بالتجويع المتعمد وإطلاق النار العشوائي المُباشر وبملء قوارب مهترئة بالأشخاص وترك القدر والميزانيات الدفاعية الضخمة تتصرّف معهم في عرض البحر.
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.