مهاجر سوري يروي للحدود تجربته في السفر عبر الزمن
نذير مشئماني - مراسل الحدود لشؤون العود الأبدي
٢٩ سبتمبر، ٢٠٢٢

في حادثةٍ لم تشهد البشرية مثيلاً لها. حادثةٌٌ تنسف قوانين الفيزياء وخطّية الزمن، تمكّنت مجموعةٌ من المغامرين السوريين من إتمام دورةٍ كاملةً حول الزمن؛ انطلقوا فيها من الأراضي السورية في الماضي وصالوا وجالوا وشهدوا ما شهده كل من عانى عبر التاريخ في مختلف محطاته، ليعرجوا بعد ذلك على المستقبل ويقتربوا منه، ويختتموا رحلتهم على سواحل طرطوس؛ مدينة من مدن الزمكان الذي انطلقوا منه في البداية.
يروي لنا أحد المُغامرين، سالم السالم، تفاصيل رحلته الرائدة وقفزاته الجريئة بين أسوأ محطات تاريخ البشرية وأصعبها ظروفاً "بدأت رحلتي عبر الزمن منتصف عام ۲۰۱۸ مع انتهاء حقبة الإبادة السورية الكبيرة، وعُدت إلى الوراء حقبةً حقبة؛ اقتحمت الثمانينيات واصطفّيت في الطوابير للحصول على الأساسيات الغذائية، وعرّجت على القرن التاسع عشر عندما تخليت عن حاجتي للكهرباء، وقفزت إلى العصر الحجري حينما اكتشفت إمكانية طرق أحجار الصوّان واستخدام الخشب بدلاً من الوقود والغاز لإشعال النار اللازمة للطهي والتدفئة".
ويوضح لنا سالم الأسباب التي دفعته لانتقاء اتجاهه ووجهاته الزمانية "أثناء تبختري بين الخيوط الزمنية المتعددة، قررت النظر في البلورة السحرية التي بحجم كف اليد؛بلورة لطالما حملتها في جيبي، وصرت أتصفح عليها منشورات أقراني وصورهم في المستقبل! على الجانب الآخر من بوابة "الأبيض المتوسط" الزمنية".
وأضاف "منذ تلك اللحظة، وضعت لنفسي هدفاً يتمثل بعبور بوابة الأبيض المتوسط الزمنية والتقدّم في الزمن بدلاً من الرجوع المستمر فيه. لكن، كان عليّ ثني نسيج الوجود بحد ذاته والمرور بعدّة محطات لتحقيق ذلك؛ سافرت إلى أربعينيات القرن العشرين، حيث يخرج الناس من بيوتهم أفواجاً إلى المخيمات. مثّلت في فيلم لاقى رواجاً في السبعينيات والثمانينيات اسمه الحرب الأهلية اللبنانية، ومن ثم توجهت إلى التسعينيات ومطلع الألفية، حيث وجدت مؤتمرات تُعقد لأجلي وصناديق تمويل تُطلق على اسمي".
يصف سالم تلك اللحظة التاريخية التي حان فيها الوقت لعبور البوابة "وصلت إلى عتبة البوابة الزمنية، وصعدت في الآلة التي ستقلّنا إلى المحطة الأخيرة، وما إن بدأت الرحلة حتى وجدت نفسي عائداً عشرة قرونٍ إلى الخلف، ودخلت في صلب عصور الفايكينغز الذين صالوا وجالوا في البحار الهائجة بسفنٍ خشبية بدائية، وما إن هدأت العاصفة حتى انشقّ نفقٌ في الطريق؛ نفقٌ بدايته النور ونهايته الظلام، نفقٌ ستعبر خلاله الآلة نحو الخلود، دارت الدنيا والتفت من حولي ولمست ثقباً دودياً ووجدت نفسي حيث بدأت".
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.