لايف ستايل، خبر

تجمع عائلي يقترب تدريجياً من تصنيفه كأزمة رهائن

مازن شراشفي - مراسل الحدود لشؤون فناجين القهوة اللانهائية

Loading...
صورة تجمع عائلي يقترب تدريجياً من تصنيفه كأزمة رهائن

 لم يكن أبناء عائلة زهر الفستق يعرفون أن الاجتماع العائلي الحميم الأخير سيتحول إلى حدثٍ يغير مسار حياتهم ويدفعهم للتشكيك بكل المسلّمات التي آمنوا بها يوماً، إذ بدا كل شيء طبيعياً للوهلة الأولى؛ الأكبر سناً يحسنون إساءة فهم كل الأحداث الراهنة ويتبادلون أسوأ الآراء والنظريات، والشباب يظهرون أعراض عوز النيكوتين لديهم، بينما يجري سباق قفز حواجز بين من هم أصغر سناً في حلبة الصالون. 

ولم تلبث هذه الصورة المثالية للأسرة أن تبدأ بالتمزق بعد تلميح مفيد زهر الفستق، ابن كبير العائلة، نيته العودة إلى المنزل برفقة حرمه وملاكيه الصغيرين. فبمجرد أن طبطب مفيد على جيوبه ودلق ما تبقى من كأس الشاي، رمقه شقيقه الأكبر شاكر بنظرة محيّرة وجملة لم يستطع العازم على الرحيل التأكد من كونها تهديداً أم مجرد شيء يقال بدافع اللطف للإيقاع بالضحية لاحقاً "أرجو ألّا تكون قد عزمت على الرحيل: أبوك لم يشبع منك"، مراوحاً بنظره بين أخيه والأرض، ما دفع مفيد إلى صب كأس شاي أخرى والعودة إلى وضعه السابق بهدوء. 

تكرر الأمر مع ثلاثة مغادرين آخرين، واختار مفيد اللعب بأمان وتكرار ما فعله شاكر به، لكن بأختهما سناء. وسرعان ما تعقّدت خريطة الخاطفين والمخطوفين؛ فبعد تأجيل الجميع مواعيد رحيلهم، فوجئ مفيد، الذي بدا أنه الخاطف في تلك اللحظة، بوالدته التي أشارت إلى أن رحيل الجميع قبل تناول العشاء سيكون مؤسفاً، ولم تحدد إن كان الأسف يعود عليها أم عليهم، لكن غموض الجملة وعدم اليقين من جديتها لم يعق امتثال الرجل وأشقائه لأوامر أمهم، قبل أن تباغتهم هي الأخرى بألاعيبها محاولةً فض التجمع بأسرع وقت عبر تلميحٍ عابرٍ ألقته عن صعوبة إيجاد سيارة أجرة في هذا الوقت وعن مخاطر القيادة في وقتٍ متأخر من الليل.

مراسل الحدود، والذي يعمل كشاب توصيل بدوامٍ كامل بعد انتهاء دوامه في التاسعة مساءً، اكتشف المأساة صدفةً حين أوصل بعض المواد الغذائية لمسرح الجريمة "هل يعتقدون أنهم يمنّون عليّ ببقائهم في المنزل؟ أريد أن أنام، يا ربي"، بهذه الكلمات استقبل رأس الأسرة المراسل، قبل أن يتنهد تنهيدةً طويلةً مدمدماً "الله يرحم أيام المرض والحجر الصحي".

بدورها، اندفعت سلمى، شقيقة الأب، بشكلٍ سريع نحو الباب بمجرد ملاحظتها نسيان شقيقها المحفظة وتركه الباب مفتوحاً دون حراسة، لكن أخاها باغتها بعودته السريعة، سائلاً إياها عمّا تفعله، لتجيبه على الفور وبارتباك أنها كانت متجهةً لتجلب أدويتها التي تأخرت على موعدها من السيارة. لم يتمكن مراسلنا من الحصول على تصريحٍ حصري منها، أو من الأب عند عودته، لكنه أكد، من مراقبته ردات فعل الرهائن على محاولة هروبها أن الجميع خائفون، لكنهم مستعدون كذلك لإخافة أي شخصٍ يتجرأ على الهرب في الوقت ذاته.

واقترح مراسل الحدود، الذي قرأ مؤخراً منشوراً عن أخلاقيات المهنة، التواصل مع الشرطة إخطارهم بأزمة الرهائن الحاصلة، قبل أن تعود الأم لتتصدر المشهد "عيب. نحن عائلة واحدة وما يجري معنا يحدث في أرقى العائلات. نحن نحب ونتحمل حب بعضنا" ليؤكد الجميع بعد ذلك أن وجودهم هناك بمحض إرادتهم، ومن شأن هذا الاجتماع السعيد أن ينتهي بعد وجبة الفطور غداً، إلا إذا استغلت الوالدة ولعهم بطبق البامية الذي تعدّه، حينها لن يغادر أحدٌ قبل الغداء.

شعورك تجاه المقال؟