تشخيص الأنظمة العربية بمتلازمة جسر لندن
بديع قطقوط - مراسل الحدود لشؤون القط الدبلوماسي الذي يحب خنّاقه
١١ سبتمبر، ٢٠٢٢
كشفت وفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية وما رافقها من نعي ومجالس حداد وتنكيس أعلام وبكاء وشهنقة ودموع وأنوف تسيل عن متلازمة جديدة أطلق عليها "متلازمة جسر لندن"؛ تشبه متلازمة استوكهولم، مع فارقٍ يتمثل بممارسة المصاب بالجسر سلوك التعلّق تجاه معنّفه ولاعن أبي أفطاسه لكن بعد وفاته.
وتفاوتت أعراض المتلازمة وشدة الإصابة بها بين الأنظمة بحسب قدر الألم الذي سببه جسر لندن لها، لكن الباحثين يعتقدون أن وجود عيد استقلالٍ من الاحتلال البريطاني، أو تاريخٍ من الانتداب يعدّ عاملاً رئيسياً للإصابة؛ ففي دولٍ مثل لبنان والأردن والبحرين والإمارات وعمان ومصر، اكتفت الأنظمة بتنكيس أعلامها ورفع مؤخراتها التي أصبحت تعاني من فراغٍ كان يملؤه الجلوس على طرف جسر لندن، الذي كان يصل بين منابر الخطب الوطنية وغرف الاجتماعات السرية، والذي سقط الآن وسقط معه تقديم التنازلات دون رادع أخلاقي أو شعبي.
أمير الكويت نواف الأحمد، شعر أن السبل تقطعت به لأنه لم يعد هناك جسر لندن تعبر من خلاله الأسلحة البريطانية. في حين وشم برهم صالح رئيس العراق صورة الملكة على مؤخرة رأسه، تقديراً لأثرها الذي حفرته في أنحاء العراق كله. أما أبو مازن فقد أعرب عن امتنانه لدخول الجسر كله في فلسطين وبقائه فيها ريثما ينتقل كافة اليهود اللازمين لقيام دولة إسرائيلية تجعله يتعلم النضال السلمي على أصوله.
أما على الصعيد الثقافي، ظهرت الإصابة الأشدّ على حاكم دبي الأمير محمد بن راشد آل مكتوم، والذي نال منه جسر لندن وشرشحه وجرجره في المحاكم وفضحه أمام العالم أجمع وغرّمه بمئات ملايين الدولارات لصالح زوجته السابقة هيا، مسبباً ظهور أعراضٍٍ متطرفة تجلّت في قصيدته التي نظمها وأهداها للملكة:
يا جسري يا سندي يا حبيبي
يا من كُنت بين الورى رقيبي
رحلت عني وتركت الحسرة بقليبي
من لي بعدك أجانب حلوين، بيضٍ، شقرٍ،
حناين يكونون لي يوم الشدة ملاذ ضريبي
وأشار الباحثون إلى أن الإصابة بمتلازمة جسر لندن لم تقتصر على الأنظمة العربية، بل لوحظ انتقال العدوى إلى العديد من قطعان تلك الأنظمة. ويرجّح ذلك إلى أداء أوليفيا كولمان المذهل في دورها كالملكة إليزابيث في مسلسل "ذا كراون"، وإلى الرغبة الدفينة في تقديس كل من يرتدي تاجاً ويجلس على كرسيٍّ مرصّع أو على ظهورهم.
وأوضح الباحثون أن مشاعر الحزن التي رافقت الإصابة بمتلازمة جسر لندن ما هي إلا أعراض تظهر في البداية وتزول سريعاً، ويرجع ذلك إلى وجود ما يعوّض الفراغ الذي تركه الجسر، مشيرين إلى أن الإصابة المستقبلية بمتلازمات برج إيفل أو الإمباير ستيت أو قبب الكرملين المدببة تجلب لهم المزيد من الألم الممتع الذي لم يتمكن الجسر من إحداثه بسبب وضعه الأفقي.