تغطية إخبارية، رأي

"لو لم تكن في بيت أهلها لما تحرش أخوها بها"

نبيه الجعمق، خبير مؤامرات الحدود

Loading...
صورة "لو لم تكن في بيت أهلها لما تحرش أخوها بها"

ها هي آخرة الانفتاح، ها هي آخرة سيداو، ها هي لغة العصر والإنترنت وتويتر والهاشتاغات ومي تو وميدوسا. عهر، قلّة حياء، قلّة شفافية وقلّة شرف وقلّة أخلاق. بعد أخذِ النسوان راحتهن وفضحهن كل شيء، ها هنّ يكشفن أسراراً مقدسة ويُطلعننا على ما يحدث معهنّ في بيوتهن ومن داعبهن وتحرّش بهن واغتصبهن من آباء وأخوة وأعمام وأزواج أمهات وأقارب محترمين يحلف الكل بأخلاقهم؛ يصوّرن كل هؤلاء وحوشاً بشرية ويدَّعين أنهن الضحايا، باعتبار أننا سنتغافل أنهن قبلن الإقامة في منازل ذويهن وتعمّدن ترك أنفسهن فريسةً سائغةً للتحرش والاغتصاب.

يستحيل أن تواجه أي ضحية ما واجهته لو لم توجد حيث افتعلت بها الجريمة، والضحية في تريند "ميدوسا" ليست باستثناء. كان بإمكانها الوجود في الدكان، أو في بيت صديقاتها، أو في المخزن أو العليّة أو أي مكانٍ تتعرض فيه لتحرشٍ عادي تعاقب عليه بالضرب والحبس في غرفتها أو تقتل بسياق مجتمعي طبيعي دون ضجة، لكنها في الحالة التي نتصدى لتحليلها تعمدت أن ترضى بسيطرة أسرتها عليها وإبقائها في المنزل، لتواجه ما واجهته بالتحديد، بهدف تشويه وتفكيك آخر مؤسسة في مجتمعنا المتحلل.

ولئلا يبدد المرء تعاطفه على من لا تستحقه، دعونا نمعن النظر في التفاصيل، إن "الضحية" لا تمانع العيش تحت سقفٍ واحد مع ذكر. وبحجة أنها في بيت أهلها، تتصرف وكأنها في معهر؛ فتجلس معه في غرفة الجلوس وتتمدد على الأريكة تأكل وتشرب وتضحك بصوت مسموع. تتنقل من غرفتها إلى الحمام والمطبخ وغرفة الجلوس كبنات الليل، تغويه بوضع ملابسها مع ملابسه الداخلية في سلة الغسيل وعلى المنشر؛ وتراها بلا نقاب ولا برقع ولا جلباب، عارية طوال الوقت إلا من ملابس داخلية وجوارب وبيجامة طُبع عليها رسمٌ لإحدى أميرات ديزني اللواتي يحبكن خيوط الفتنة بفساتينهن الخليعة حتى يظن القريب المغرّر به أنّه يضاجع ياسمينة أو سندريلا وليس طفلة قاصر.

لاحظ عزيزي القارئ أن كل ما ذكرته لا يعني وقوع جرم التحرش أو الاغتصاب، ومن الضروري معرفة مكاسب الفتاة من الفضيحة، الشهرة؟ المال؟ التعاطف؟ الشهرة؟ هل يمكننا تصديق من تركب موجة الحملات الغربية والنسويات الأجنبيات اللواتي ينشرن مظالمهن في الشوارع عاريات الصدور بشعور أيديهن وآباطهن الظاهرة للعيان ويتهمن الرجل والمجتمع بالترويج لثقافة الاغتصاب؟ إن أغلب الظن أن هذه الادعاءات ما هي إلا خيالات مريضة أو تهم ساقتها فتاة لتعوض النقص الذي شعرت به جراء رفض ذكر إرضاء غرورها والانصياع لغوايتها. ولسنا هنا بحاجة للتذكير بقصة يوسف و إمرأة العزيز، لأن كيدهن أي والله عظيم.

ومن ثم، لنفرض أن قريبها فعل ذلك حقاً، أتريد اعتذاراً؟ ماذا تتوقع من أهلها أن يفعلوا به؟ أن يزجّوه في السجن؟ أن يقتلوه؟ هل يلغي التشهير بنفسها وبه وتشويه صورتها وصورته ما حدث؟ إن عقارب الساعة تتحرك باتجاهٍ واحد، والأجدر بكل من تعرضن لموقفٍ مماثل فهمُ أنها مجرد حالة فردية كبقية الحالات، ومن الرشد أن تنتحر بصمت أو تعيش بصمت حالها حال المهذبات المحتشمات في مجتمعنا؛ ولنتذكر، إذا عنفتن أو ضُرِبتن أو اغتُصبتن فاستترن.

لا أقول إن سفاح ذوي القربى أمرٌ حميد، ولا أشجع عليه؛ لكنه موجود منذ فجر التاريخ، أي أنه صار أمراً شائعاً. رغم ذلك، وكلما طفت إلى السطح فضيحة أو اثنتان نستنكر تلك الممارسات ونوضح أنها لا تمتّ إلى عاداتنا وتقاليدنا بصلة. لكن لماذا تثار هذه المشكلة وتصبح تريند الآن؟ لماذا في هذا الوقت بالذات؟ أليس مثيراً للريبة أن تحدث هذه الضجة بالتزامن مع موجة القضايا الإنسانية وحقوق المرأة، لماذا لم ينتشر الأمر الشهر الماضي؟ لماذا لم ينتشر السنة الماضية أو التي سبقتها؟ لم لا ينتشر السنة القادمة أو على مدار السنوات العشر التي ستليها؟

columnist

نبيه الجعمق

لا يؤمن نبيه بتاريخ ميلاده المذكور في الأوراق الرسمية، إذ يرى أنه جزء من مؤامرة تحاك ضده ليظهر طاعناً في السن وفاقداً عقله. درس نبيه العلوم السياسية في جامعة هارفرد بحد قوله، إلا أنَّه تركها بعد ملاحظته تزوير أساتذتها الحقائق أمام عينيه، وقرَّر العمل بالص

شعورك تجاه المقال؟