متى ستأتي أجمل الأيام التي لم تأتِ بعد؟ أنت تسأل وبشر الخصاونة يردد بيت شعر جديد
هاني اليقاطين - أجمل الكُتّاب الذي لم يفقد الأمل بعد
١٤ أغسطس، ٢٠٢٢

أجمل القبلات تلك التي لم نُقبّلها بعد، أجمل الأوطان هو الذي لم نولد فيه بعد، أجمل الأفكار تلك التي لم تتولد بعد، ولكنها ستأتي في الحمام حيث تأتي أجمل المخرجات - تلك التي لم تخرج بعد - وسأكتب مقالاً ثمنه أجمل الأموال التي لم أقبضها بعد، لكنها ستأتي وسأسدد الديون التي لم آخذها بعد ثم أقترض مجدداً.
في الحمام، وبينما كان طيف فكرة عبقرية يسيل على الجدران مع الماء المتسرب من حمام الجيران في الطابق العلوي؛ اهتزّ الهاتف يبلغني بوصول رسالة، اعتقدتها رسالة تبلغني بوصول الراتب، ولكنها لم تكن كذلك، لأن أجمل الرواتب تلك التي لم تنزل بعد. كانت الرسالة تسجيلاً صوتياً من مجهول، قد يكون القارئ حلمي عباشين المحترم، أو المخبر إسماعيل حنادرة، أو أنت عزيزي القارئ. تالياً نصها:
"يا أم وجدي، دعي البامية وتعالي، سأرسل رسالة للحدود. ماذا؟ اشتريتها من المخيم، تعالي الآن (صوت ضوضاء ولد صغير) يلعن أبوك قوّاد، اسكت أريد تسجيل رسالة (صوت امرأة قادمة) سمّعني ماذا تريد أن تقول. تعالي، اسكتي ساكت، وادفني هذا الملعون قبل أن أجن (صوت بكاء طفل يأتي من بعيد) "خمس ثوان صمت". ألو، الحدود؟ يا صحيفة الله المختارة، متى ستأتي أجمل الأيام التي وعدنا بها دولة سيادة رئيس الوزراء؟ الأربعاء القادم؟ الجمعة التالية؟ سبتمبر؟ بعد العيد الصغير أو الكبير؟ رأس السنة أو رأس السنة المقبلة؟ بعد رفعة البنزين القادمة أم تلك التي وراءها؟ بعد جريمة الشرف التي ستقع في الزرقاء أم تلك التي ستقع في الكرك؟ (صوت شرب ماء).
متى ستحقق وعدك يا بشر؟ كيف؟ من سيحققه؟ أقسم بالله أنني انتظرت طويلاً، ترمّلت جارتنا لتأخر علاج زوجها في مستشفيات الحكومة، تزوج أخي بالدَين، تراكم عليّ الإيجار، والفواتير، نبت الشعر على لساني وطلعت في رأسي شجرة. من يؤخر أجمل الأيام؟ هل عرقلتها أزمة السير في دوار الداخلية أم أنها ما زالت تتبرج أمام المرآة؟ هل هي قادمة بوسائل النقل العام؟ أم في سيارة فارهة يحيطها موكب سيارات الدفع الرباعي؟ آخر سؤال والله والله، هل ستدهسني عندما تأتي؟
أتمنى أن أسمع منك الإجابات التي لم أسمعها بعد يا رئيس الوزراء، وسلام على رئيس الوزراء.
ـــــــــ انتهت الرسالة ــــــــــ
بحبشت عن بشر لأرسل له الرسالة، فوجدته في منتدى أقحوانة النرجس الأدبي يكتب الخواطر والأشعار المقتبسة من أحلام مستغانمي وبوكوفسكي وعمر الرزاز؛ وبعد طول انتظار جاء الرد:
"حبيبي المواطن، حطَّت رسالتُك على فُؤادي لكأنها نحلة الصباحات في ربيع مادبا وعجلون والسلط، تمتص عسل الوردة مثلما يمتص الأسفنج ماء شوارع عمان في ليالي مطر غزير يهطل برحمة من الله عزّ وجل ودعوات المواطنين الأوفياء الحريصين على استقرار الوطن وأمنه وشراء البنزين مهما ارتفع ثمنه؛ لأن الغالي سعره فيه، والمواطن أغلى سلعنا في هذه الرقعة المباركة التي مرّ منها النبي موسى وعيسى ويوشع وباركوها. لا تحزن يا عزيزي، أرضنا مباركة، لا تحزن ولا تسل؛ أَيُّهَذا الشاكي كُن جَميلاً تَرَ الوُجودَ جَميلاً، لا تسهَرنَّ إِذا ما الرزقُ ضاقَ، ونَمْ في ظِلِّ عيشٍ رقيقٍ ناعمِ البالِ، فبينَ غفوةِ عينٍ وانتباهتِها يُقلَّبُ الدهرُ من حالٍ إِلى حالِ ... اعذرني على الإطالة، لكن واجبي أن أجيب عن كل أسئلتك، اقبل تحيتي، أتمنى لك ليلة باذخة الجمال، وشكراً لمرورك العطر".