مجموعة من الآراء المهمة في الأدب والسياسة والثقافة تمر عرضياً خلال موعدٍ غرامي

عقد الشاب مهيب كناري والشابة لبنى أبو الجبن موعداً غرامياً في مقهى بوح القهوة، استعرضا خلاله جملة من الآراء والنظريات بالغة الأهمية، التي تمس الأوضاع الجيوسياسية والاجتماعية والثقافية الراهنة، كوسيلة لتمرير الوقت ونيل الاستحسان وتفادي الوقفات الصامتة، أملاً في إنجاح الموعد بأقل الأضرار وبالحدّ الأدنى من الندم في اليوم التالي.

وكان كناري وأبو الجبن قد فوجئا منذ الدقائق الأولى لموعدهما بفرار المواضيع الجميلة وكلمات الإطراء الجذابة والأقوال الخالدة التي تخيلا نفسيهما يلقيانها على مسامع بعضهما حين تمرّنا عليها أمام المرآة، إلا أن أبو الجبن كانت بالمرصاد وتخطت المطب ببسالة؛ عبر طرح تساؤل مهم عما إذا كانت بعض الحكومات قد استغلت الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا في بلدان معينة للتضييق على الحيز العام، وهو ما نال استحسان كناري ودفعه لتقديم إجابة مدروسة تشمل كافة جوانب موضوعٍ شائك كهذا وتنقل الحديث بسلاسة إلى أزمة الصواريخ الكوبية.

وشهدت محاولة كناري وأبو الجبن للخلاص من شعور الوحدة القاسي الذي يصبغ حياتهما بصبغة قاتمة ويعرضهما لضغط الأقران بشكل مستمر، شهدت منغصات أخرى ولحظاتٍ عجزا فيها عن مجاراة سرعة ما يجري بينهما أو فهمه والتعبير عنه بشكل مسموع، فلجآ إلى مناورات ذكية ومدروسة عبّرا خلالها عن موقفهما من صندوق النقد الدولي وقدما إجابات وافية لأسئلة عن مصير الليبرالية وطرحا توقعاتهما عن مستقبلها، إضافة إلى المرور السريع على الأعمال الدرامية الجديدة وتقييم أبرزها، قبل أن يعودا إلى تبادل معلومات شخصية أولية كعدد الأخوة والأخوات عند الجانبين ووظائف هؤلاء وأعمارهم.

ومع إدراك حقيقة أن هذا الموعد محدود بوقت معين ولن يمتد إلى اللانهاية، صعّد الطرفان من وتيرة الأحاديث والمواضيع المحورية، التي خدمتهمها هذه المرة كمعادلٍ حضاري وبشري لطقوس تمارسها الأنواع الحيّة الأخرى مثل استعراض الريش الملون عند بعض الطيور أو القرون الكبيرة في حالة الثدييات، فقدّم كناري ما يرقى لأن يكون أطروحةً جديدة في النقاشات الدائرة حول أتمتة الأعمال وانعكاسها على البشر ليشعر بعدها بزهوٍ لا مثيل له وأملٍ بأنّ أيامه التعيسة قد تنتهي قريباً، بينما أشارت أبو الجبن إلى زوايا لا تحظى بالانتباه الكافي حين نتحدث عن الذكاء الصناعي وتطبيقاته، ما ولّد لديها إحساساً داخلياً بأنها ليست ذلك الشخص الذي يستحق الشعور بالوحدة لفترة طويلة.

وفي الختام، شدد الطرفان على أهمية الجلسة مؤكدين فرادتها وتميّزها عن مجمل الأنشطة والفعاليات التي قاما بها في الفترة الأخيرة، "من الجيد أني حظيت بوقتٍ ممتع وفريد كهذا"، تمتم كلاهما محاولين دفع نقاشاتهما المتنوعة إلى المقدمة وكأنها السبب الفعلي لقدومهما وليست مجرد حشوٍ يجري في الخلفية لغاية بناء علاقة يؤكد الخبراء أن عمر "الجزء الجيد" منها سيصل إلى بضعة أعوام قبل أن تتحول إلى ثقلٍ يجثم على صدريهما.