لايف ستايل، تقرير

قراءة نقدية في فيلم فجر العدالة: الرجل الوطواط ضد الرجل الخارق

Loading...
صورة قراءة نقدية في فيلم فجر العدالة: الرجل الوطواط ضد الرجل الخارق

لأن اهتمام الناس بالأفلام يفوق اهتمامها بجميع نواحي الحياة الأخرى مجتمعةً، باستثناء الجنس، قرّرت الحدود التوقّف عن كتابة الأخبار وما فيها من وجع للقلب، وتضمين الشركة إلى أول ناقد سينيمائي مارق.

وهكذا، قامت الحدود بوضع كامل ميزانيتها كمرتّب للناقد السينمائي الشهير هنيم مفروم، المختص في مشاهدة الأفلام المقرصنة على البسطات. حيث سيستعرض معكم، أوّلاً بأوّل، آخر ابداعات السينما العالمية والمحليّة. إنّه هنيم مفروم، الذي سيسرح فيكم عبر هذه الأفلام، سيطلعكم على الواضح بشكل مبطنّ، سيفضح المستور ويحلّل العادي. هو فقط، من سيضفي المعنى المرجو على الصور المتشابهة التي تتدفّق إلى أعينكم من الشاشات. ولأن ميزانية الحدود لا تقترب من أن تكفي لدفع مرتّب ناقد عميق كما تستحقّون، نرجو من الإخوة التّبرّع على الرابط المرفق.

“الرجل الوطواط ضد الرجل الخارق: فجر العدالة”

بحسب إحصائيات بسطة أبو نزار، حقق الفيلم نسب مشاهدةٍ وأرباحاً عالية بالنسبة لعمل كهذا، ليتفوق بذلك على أعتى أفلام البالغين مثل العمل الخالد “بائعة الحليب”، حيث لا يزال الطلب مستمراً على النسخ غير الأصلية، في عقابٍ ماديٍّ مؤلم ومعتادٍ لصناعة الأفلام. ويرى أبو نزار أن الطلب المتزايد على مشاهدة الفيلم ينبع من رغبة المشاهدين من التأكّد، مراراً، من مدى فشل الفيلم في مطابقة توقّعاتهم.

تبدأ أحداث الفيلم مشابهة لجميع أفلام الأبطال الخارقين، حين يخطف الأشرار إحدى الحسناوات، وهي الخطوة الأهم في مخططهم الجهنّمي للسيطرة على العالم، وكأن العالم فيه ما يستحق السيطرة. يقهقه الشرير معتبراً أنه انتصر، لكننا نعلم أنّه لم ينتصر لأنه لم تمضِ أكثر من ربع ساعة على بداية الفيلم، ومن غير المعقول أن تأتي النهاية بهذه السرعة! ففي هذه الحال، لن يقبل أحد دفع ثمن التذكرة أو القرص المنسوخ. ثم، وكالعادة، يباغت البطل الخارق الأشرار، فيتوقف الشرير عن القهقهة ويقول: “أوه، شِتْ”.

يباشر البطل الخارق بتكسير عظام الأشرار واحداً تلو الآخر، فتلك وظيفته الروتينية بحسب السيناريو والعقود المبرمة بين الشركة المنتجة والممثل. لكن الفيلم، وفيما تتكشّف أحداثه، يطرح تساؤلاتٍ في غاية الخطورة: هل يحتاج العالم أبطالاً خارقين في هذا الزمن؟ هل هناك مخلّصون مُخلصون؟ ألَم يسمع منتجو الفيلم بـ”السيسي” من قبل؟

وكما تفرض حتميّة السرد الهوليودي، يحرّر البطل الفتاة من قبضة الأشرار، ولكنّه يأسر قلبها، فتقع في غرامه. ثم يظهر البطل والفتاة في مشهد خادش للحياء العام وكأنهما يتعاشران معاشرة الأزواج في الفراش. لكن مخرج الفيلم فاجأ مشاهديه بكسره للروتين، إذ لم يظهر الرجل الخارق وكريمته في الفراش، بل في حمام ساخن هذه المرّة.

يوجّه الفيلم رسائل مبطّنة، إذ يشير إلى ضعف الاستخبارات المركزية الأمريكية، لعجزها عن كشف المخططات الإرهابية والمؤامرات، بينما تكفّل سوبر مان وشركاؤه، وحدهم، وبدون أي مخصصات وميزانيات، بكشفها وإفشالها. كما أن الأجهزة الأمنية الأجنبية لم تتمكن من اكتشاف شخصية سوبرمان السريّة، كلارك كنت، والذي كان يتخفّى طوال الفيلم، وجميع أفلامه السابقة، خلف إطار نظارات أسود. فكيف ستنجح هذه الإستخبارات في تتبع إرهابيين حقيقيين كأبي بكر البغدادي وبوكو حرام.

كما أظهر الفيلم مدى ضعف الصناعات العسكرية الأمريكية وركاكتها، إذ عجزت رصاصات الشرطة وصواريخ الجيش الأمريكيين عن اختراق الدرع الواقي لمجرد رجل وطواطٍ مكتئب.

ونظراً لأن الأفلام تستلزم وجود النساء لتعبئة الكوتا، أقحم صانعوا الفيلم “المرأة المعجزة” في قصّة الفيلم، لكنهم نسوا إدخالها في الحبكة الدرامية، فلم تظهر إلا في النهاية وهي تقاتل الأشرار مثلها مثل أي رجل دون أن تقل عنه، وهي من الفوائد المعروفة للكوتا.

من الملاحظات المثيرة عن الفيلم أيضاً أن الرجل الخارق تخلّى عن ارتداء ملابسه الداخلية فوق البنطال بشكل نهائي، وهو ما يطرح تساؤلاتٍ فلسفية مهمة في سلسلة الأفلام هذه: هل تعلّم فعلاً الطريقة الصحيحة لإرتداء السروال الداخلي؟ هل ما زال يرتدي سروالاً داخلياً من الأساس أم أنّه تبنّى مرحلة ما بعد الحداثة؟ هل وجد السروال الداخلي طريقه إلى سلّة الغسيل؟ وهل سيعاود الظهور في الجزء المقبل بعد أن يجف؟

إجابات هذه الأسئلة كلّها، وإجابات أسئلةٍ لم تسأل بعد، ستتكشّف في الجزء القادم من الفيلم، في حال قرر القائمون على الفيلم الاقتداء بالدراما العربية وابتعاث الموتى إلى الحياة من جديد، كما فعل معدو مسلسل باب الحارة مع البطل الخارق فعلاً، أبو عصام.

 

شعورك تجاه المقال؟