تغطية إخبارية، تقرير

حنين جارف في المنطقة إلى زمن الأبيض والأسود الجميل

عواطف شنّكلي - مراسلة الحدود من عصر الظلمات

Loading...
صورة حنين جارف في المنطقة إلى زمن الأبيض والأسود الجميل

اجتاحت الشعوب العربية موجة حنين جارف إلى الزمن الجميل، حين كانت الحياة بسيطة ورائقة، أحادية الأبعاد، ثنائية الألوان، تكتسي باللونين الأبيض والأسود المحايدين، فيما تستتر ألوان الطيف في الخزانة دون أن تخدش حياء البالغين وتعبث في عقول أطفالهم لتفتح عيونهم على تنوّع الألوان وكثرة الخيارات واختلاف الأذواق في العالم.

ولأنّ الحكومات العربية خدّامة الأوادم تأبى أن يعتصر قلب شعوبها الحنين ولا تُحقق مطالبهم -سيما تلك التي تتقاطع مع مبادئها ومراجعها ومساعيها القمعية- أوصت بسحب كافة الألوان من الأسواق والمحال التجارية والملاهي ومراجيح الحدائق العامة وسحاسيلها، وكي تجتث الشر من جذوره، حظرت أي تداول لأقلام التلوين بكافة أشكالها سواء كانت خشبية أو مائية أو شمعية، وغيرت شكل أعلام الدول لتتكون من الأسود، الأبيض، والأسود القاتم، والرمادي المائل إلى البياض قليلاً. 

وأشاد رئيس جمعية "اذبحوا الألوان" الثقافية، الشاب كُ.أُ. بقرار الحكومة، مؤكداً أنّ الألوان دخيلة على حياة المواطن العربي الرمادية "بذلت السلطات السياسية والاجتماعية في بلادنا حياة آلاف العرب سبيلاً لتثبيت طيفٍ لونيٍّ فاتنٍ يُميز ثقافتنا ويُحدّد عادات وتقاليد مجتمعنا اللونية؛ فماضينا أبيض كبياض الثلج، وحاضرنا أسود، ومستقبلنا رمادي يجمع اللونين، وأي لون آخر ليس إلا اختراقاً لنسيجنا المُتماسك وانحرافاً عن الفطرة السليمة التي خلقتنا السلطات -عزّت وجلّت- عليها".

وتابع كُ.أُ. "منحتنا الطبيعية اللون الأبيض الذي يشمل كافة درجات ألوان الطيف المرئي، فبادرت السلطة بتبني هذا اللون الشامل لتجنيب مواطنيها ضغط التعامل مع عدد كبير من الألوان يعجز العقل البشري المحدود عن استيعابها، وأهدتهم اللون الأسود الذي يُمثّل غياب الضوء ليتماشى مع حياتهم".  

من جانبه، رفض الشاب ه.ه.ع. موجة الحنين المخادعة، مؤكداً أنّ الزمن الجميل وهم "الأسود والأبيض فيه مجرد قشور استترت وراءها مختلف درجات الألوان؛ فكان الناس يزورون البحر الأزرق ويجلسون على العشب الأخضر ويرتدون الملابس المثيرة الملونة ليتضاجعوا في منازل مُفعمة بالألوان، حتى أم كلثوم كانت تُغني بالأسود والأبيض ثمّ تعود للتسكع في بيتها المليء بالألوان. أنا لا أحن سوى للعصر الأسود الحديث حيث الراية السوداء التي رفعتها الدولة الإسلامية في العراق والشام". 

شعورك تجاه المقال؟