حلّاق ينصت لطلب زبونه بحذر واهتمام ليتسنى له مخالفته بأدق شكل ممكن
أمير أبو لمعة - مراسل الحدود لشؤون ديمقراطية الصالونات
٢٥ مايو، ٢٠٢٢

الأستاذ أبو الذهب، أشهر حلاق في الحي، والوحيد فيه كذلك، يُلقب بملك المقصات وجهبذ الأمشاط، ويتوجه الجميع إلى صالونه؛ سواء الشباب أوالصُلع الرافضون لتقبّل الأمر الواقع أو أصحاب اللحى الشعثاء التي تتسبب باعتقالهم بتهمة الانضمام إلى أي تيار بصرف النظر إن كان اليمين أو اليسار، ليشرحوا له أحلامهم وخيالاتهم وتفضيلاتهم بينما ينصت بتروٍ تمهيداً لضربها الدقيق والحذر بعرض الحائط.
وتجمعُ أبو الذهب بزبائنه علاقة خاصة؛ فهو يوفر لهم كل الوقت اللازم لتفقد تاريخ صيحات الموضة الحديث والمجلات وإطلالات المشاهير في المسلسلات التركية وأفلام MBC 2 بترتيبه قصاصات وصوراً ومشاهد ولصقها على الجدران والأبواب، كما يعطي لهم حرية اختيار وتصميم خطوات القَصَّة بكل تفاصيلها حتى آخر شعرة، بل يسمح لهم أيضاً بتغيير آرائهم عدة مرات أثناء الحلاقة أو حتى بعد انتهائها، وفي المقابل يتوقع الأستاذ الفنان أن يعطيه الزبون الحرية الكاملة في التنفيذ دون أن يتعدى أحد الطرفين على مجال الآخر.
وأعرب أبو الذهب عن استيائه الشديد من زبائن هذه الأيام "رغم كل التسهيلات والمحادثات والأخذ والرد يصلني من مصادري الخاصة أنّ الزبائن يتحدثون من وراء ظهري للمنصات الصحافية ويسخرون مني ومن قصّات وذوقي مع أنني أسعى لإرضائهم جميعاً بكل ما استطيع، ولهذا أفرغت الصالون من المرايا كلها حتى لا تصيبهم الحسرة أو الندم، وأدفعهم إلى بيوت أمهاتهم فور انتهائي من نحت رأسهم ليطمئنوهم أنهم في مستوى جمال الغزلان أو أحلى وليسوا قروداً أو مغفلين كما يطلق عليهم أطفال الحي وهم يوجهون أصابعهم ويضحكون عليهم عند خروجهم من صالوني".
ومن جهته، أشاد أحد زبائن الصالون المخضرمين بأبي الذهب "اعتدت وأنا مراهق أن يحلق لي أبي كيفما يشاء، أو عمي أو زوج خالة جارتي أو أي فرد من العائلة أو الحي، ولهذا تجنبت محادثة الفتيات بسبب مظهري. أما بعد أن أصبحت من زبائن أبي الذهب الذي أنصت إلى رغباتي ولم ينفذ لي ما أطلبه، فقد أصبحت الفتيات هنّ من يتجنبنني، وها أنا الآن بفضله شاب في العقد السادس بكامل صحتي ومدخراتي، لا أنفقها إلا على نفسي وقططتي وأدوية القلب والمفاصل وزياراتي المنتظمة لأبي الذهب".