الأقلام المأجورة في الانتخابات اللبنانية: عاصفة النتائج من ليل ورعد وكذب صريح
٢٤ مايو، ٢٠٢٢
بعكس التوقعات، ورغم بعض الأماني، أفرزت الانتخابات اللبنانية الأسبوع الماضي نتائج، مثل سائر الانتخابات في العالم.
إلا أن هذه النتائج كانت القشة التي قصمت ظهر بعير السياسة واستفزتها لتهدِر وتطلق ضجيجها معلنةً انطلاق منافسات الصراخ على منصات الصحافة والإعلام اللبنانية، التي كشرت عن أنيابها وشمّرت عن سواعدها استعداداً لشد الشعر والخرمشة وتبادل الافتراءات والاتهامات ورشق الحبر بعيون خصومها، في استمرار لإستراتيجيتها المفضّلة في الدفاع، والتي تتمثل في الهجوم المُباشر الشرس حتى لو لم يكن متماشياً مع الواقع والحقيقة.
المصاب الجلل
البداية من الصحيفة الرسمية لحزب الله ومحور الممانعة (الأخبار)، إذ لم يدرك الحزب كل ما تمناه لأن رياح التغيير جرت بما لا تشتهيه السُفن والبوارج الإيرانية، فترنحت بدورها على موج خطها التحريري، محذرة من ويلات النتائج وكيف سيكون فوز المستقلين سببا لانقسام جديد، وهو انقسام يزيد عن عدد الانقسامات التي يمكن للبنان احتمالها.
ولم تغفل الأخبار نشر المقالات التي ذكَّرت أهل الجنوب بكل تواضع ودون أي تمن بأنه أرضهم محررة، ولولا هذا التحرير لما استطاعوا التصويت أصلاً. وهكذا يخرج قارئ (الأخبار) مدركاً أنّ أنعم على المواطنين بالانتخابات رغم أنها نقمة عليه.
هوس حزب الله - الأعراض
في المقلب الآخر، كان حزب الله حاضراً أيضا، لأن لا شيء لدينا في هذه الحياة سوى حزب الله، الحزب قام، الحزب قعد، الحزب في الجنوب، وفي الشمال، والشرق، والغرب، في كل مكان، حتى أنه يكمن في التفاصيل. لقد أرق هذا الحزب أبواق الجانب الآخر من المُعادلة الطائفية، فاتهمه موقع (جنوبية) بتهديد الناخبين دون أن ينظر لرفض الحزب التصريحات التي تهدد الناخبين وتبرؤه منها، كما اتهمت (نداء الوطن) الحزب بشراء أصوات الناخبين السنة لصالح حليفه التيار الوطني الحر في دائرة بيروت الأولى بمقال تمتع بلغة تحريضية تلفيقية طائفية مناطقية عالية، رغم أن النتائج مطابقة لنتائج ٢٠١٨، ورغم شراء القوات والكتائب وبولا يعقوبيان الأصوات بدعم أحد أكثر المصرفيين فساداً - الأستاذ أنطون صحناوي المحترم - لأن لا أحد يقول أن زيته كله عكر.
من جانبه، اتهم ليبانون فايلز الحزب بترشيح المستقل فراس سلوم في دائرة الشمال الأولى واختراق صف المستقلين، مع أنّ هذا الكلام عار عن الصحة فيما يتعلق بالترشيحات على الأقل، لأن رضا المرشح فراس مع سياسة الحزب في سوريا ليس دليلاً كافياً على تمتع الحزب بالذكاء الكافي ليدّسه كعميل مع المستقلين الدوائر الشمالية.
جولات الاحتفال بالنصر دون بنزين
استغل بعض الكُتاب هذا الحدث الاحتفال والتصفير في الشوارع والركض فرحاً حول أكوام القمامة في جولات نصر خيالية، مثل هذه الكاتبة في الجمهورية، والتي اعتبرت أنّ التيار فاز بالأغلبية المسيحية حتى لو كانت حصّة التيّار من مقاعد البرلمان قد تراجعت، لأن كلمة (خسارة) لا مكان لها عند التيّار الحُرّ، شاء من شاء وأبى من أبى من الأرقام والنتائج المئوية والرياضيات البسيطة.
في صحيفة الجمهورية رأينا جولة نصر أُخرى، إذ احتفلت الصحيفة كما هو متوقع بفوز رئيس مجلس إدارتها ميشال المر بمقعدٍ في المتن، مؤكد أن سبب فوزه هو استقلاليته ونهجه المعتدل، وليس لتجنيس جده - ميشال المر أيضا - أهل المنطقة قبل عشرات السنوات وتقديمه المال السياسي على شكل جوازات سفر بهدف لإسقاط أخيه من النيابة.
حبل الكذب طويل
ننهي جولتنا وأخيراً الحمدلله بمادتين من أجمل المواد الكاذبة بشكل واضح مُباشر دون عناء التورية والاجتزاء واخفاء الأجندات، أولاهما خبر يقول إنّ تيار المستقبل يدعم أُسامة سعد، وهذا غير صحيح حتى لو تمنى محرر موقع المُدن أن تكون شعبية أسامة نتيجة تلاعبات ومساومات سياسية وليس نتيجة دعمه للثورة ١٧ تشرين ولكونه الوحيد الذي أعلن عن موقف مؤيد لها من تحت القبّة، أما المادة الثانية فهي إلى تحليلٍ شيق عن سبب عزوف مواطنين عن التصويت، ارتكز على رقم غير صحيح لنسبة المشاركة، ومقارنات مع انتخابات ٢٠١٨ كمثال لمشاركة أكبر، رغم أنّ نسبة التصويت فيها مماثلة تماماً لانتخابات ٢٠٢٢، شرط استعمال الرقم الصحيح ٤٩.١٩٪؛ ما يؤشر أنّ الكاتبة قدمت تحليلاً عن أسباب وتداعيات عزوف الناس عن الانتخاب، مع أنّ ذلك أيضاً وأيضاً غير صحيح.