تغطية إخبارية، خبر

من يشمل العفو الرئاسي في سوريا؟ والد معتقل يسأل والنظام يعتقله ليشرح له

الحارث أبو موتة - مندوب الحدود من الفرع

Loading...
صورة من يشمل العفو الرئاسي في سوريا؟ والد معتقل يسأل والنظام يعتقله ليشرح له

تفضّل بالجلوس يا سيدي واخلع الغمامة عن عينيك. سأعرفك بنفسي ريثما تعتاد على ضوء الغرفة، اسمي ناظم مرمري، مسؤول في لجنة العفو الذي تكرم به سيادة الرئيس القائد بشار الأسد حفظه الله على الإرهابيين والخونة الأنجاس، خدمتُ مع سيادته منذ توليه الحكم وخدمتُ والده كذلك، هيـــه..أيام لا تعوض. هل ترى الآن؟ لماذا لا ترد يا ابن الـ******؟ ماذا؟ كُسر فكك؟! عذراً، يبدو أن عظامك هشة أيها الهَرِم، هذا إجراء روتيني علمته للأولاد هنا بنفسي، على العموم لا تقلق؛ فأنا أعلم ما الذي أتى بك إلى هنا دون أن تضطر للنطق به.

تسأل بالطبع عن مصير ابنك، ابنك ما شاء الله عليه، تنطبق عليه شروط العفو كافة، ولكن للأسف قضى نحبه منذ عامين أو ثلاثة بسبب التهاب رئوي حاد؛ فقد كان مدخناً شرهاً لأبخرة الأحماض وهاوياً للتنفس تحت الماء، رحمه الله. ابنك الثاني؟ نعم، مات بسكتة قلبية بسبب شراهته للطعام وارتفاع الكوليسترول، أما الثالث فقد اختفى قسرياً كما تعلم دون اتهام لا بإرهاب ولا بغيره، ولا تنطبق عليه شروط العفو للأسف.

يشمل العفو هذا يا سيدي الكريم بعض الإرهابيين الذين عارضوا الرفيق الطليعي بشار، ممن سوّلت لهم أنفسهم رفع القلم أو الكاميرا أو البنطال في وجه النظام، أو التفوه بكلمة لا يعلنون بها ولاءهم الكامل وإذعانهم المطلق له، أو الوجود في المكان الخطأ أو التنفس بصوت عالٍ، وهذا بالطبع بناءً على اعترافات مسجلة وليس مجرد تكهنات قد يشوبها الخطأ. على ذكر الاعترافات، وقِّع هنا لو سمحت..لا بأس، يمكنك أن تبصم إن كانت مفاصلك مهشمة.. شكراً لك.

أرى في وجهك جروحاً غائرة وعلامات تعجب، تتساءل ماذا وراء هذا العفو، صحيح؟ لعن الله سوء الظن يا أخي، الإجابة واضحة كالكشاف الموجه إلى عينيك الآن؛ دفقة رحمة اعترت قلب الرئيس بعد تسرب فيديو حي التضامن، مثلما اعترته في ٢٠١٤ بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية بامتياز مع مرتبة الشرف -والتي اعتقل بعدها كل من عفا عنهم وزيادة- وفرصة لتجديد الدماء ستوفر لك زنزانة فردية خاصة تقضي بها أجمل أيام حياتك.

 أعلم فيما تفكر، لن يستمر الحال هكذا بالطبع، سنتخلص عما قريب من السجون المنحصرة في بضع مئات من المنشآت لتذوب جميعها في سجن الوطن الذي يتسع للشعب كله، حيث سنتخلى عن ١٣٢ ألف معتقل مقابل ١٨ مليوناً نمارس إجراءاتنا الأمنية بهم على المشاع  لنوفر مصاريف المأكل والمشرب والكهرباء، هل تدري كم صرفنا عليك وحدك من كهرباء في هذه الساعات القليلة يا ناكر الجميل؟ 

يكفي هذا، أتمنى أن أكون أجبت عن كل التساؤلات التي تدور في ذهنك، إن لم يصبه الجنون بعد. أتركك الآن لجدول أنشطتك المزدحم بعد هذا التسخين البسيط، في حفظ الله سيدي المواطن.

شعورك تجاه المقال؟

هل أعجبك هذا المقال؟

لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.
لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.
نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.