عائد زقوت يكتب : الرئيس عبّاس في لهيب السلام
عائد زقوت
٢١/أبريل/٢٠٢٢
بعد مخاض دام قرابة الثلاثين عامًا للعملية السلميّة لم تنجح في وضع حَمّلها المنشود، ولم تسفر عن أي أفق سياسي حقيقي إلّا شرف تعريفنا بالبطل القومي أبو مازن، وإنّما أنجبت صفقة القرن التي وئدت على ما يبدو فلسطينيًا وإعلاميًا، لكنها تأخذ مجراها في التطبيق بتصاعد بياني محسوب ومدروس، ففي هذا الإطار لم تُلغِ أميركا قرارها بالسيادة الإسرائيلية على القدس واعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل، ولم تفِ أميركا بنقضها لهذا القرار من خلال إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس كرسالة لها مدلولها السياسي، كذلك ساهمت أميركا وبعضًا من الدول الاقليمية في توطئة المناخ السياسي الفلسطيني لتقبل ما يسمى تقليص الصراع (المستعر المشتعل على ظهر السلطة الفلسطينية) ومنح التسهيلات الاقتصادية والإنسانية من خلال التفاوض بين فريقي رام الله وغزة، والحدث الأبرز في هذا السياق الغزو الإسرائيلي للمسجد الأقصى من أجل فرض السيادة الإسرائيلية على القدس ومقدساتها الذي استنكره السيد الرئيس بأشد العبارات في مكالمته مع العاهل الأردني، من خلال البربوجاندا لذبح القرابين في المسجد الأقصى، ثم التراجع عنها بعرض مسرحي تُظهر فيه اسرائيل استجابتها للضغوط الدولية والتي بدورها غير معنية بتأجيج الأوضاع في المنطقة بغية مصالحها المتعلقة بالحرب الأوكرانية الروسية، وكاستجابة للضغوط الفصائلية الفلسطينية، وهي بهذا تحقق تطلعات البعض في تحقيق انتصارات وهمية يتغنى بها أصحابها عبر الفضائيات التي تعج بالمحللين المهللين لهذه الانتصارات بدلاً من أن يبقى التغني بالانتصارات الوهمية حصرياً لمحمود عباس وزبانيته وشلته حكراً عليّ من منبري هذا.
وفي حقيقة الأمر أنّ اسرائيل نجحت في تنفيذ مخططها المتدحرج بالتقسيم الزماني للمسجد الأقصى حيث نشاهد يوميًا استباحة قطعان المستوطنين للأقصى من السابعة والنصف حتى الحادية عشرة صباحًا وهو موعد استيقاظ الرئيس أبو مازن الذي يسارع لكش المستوطنين بعبارات التنديد فيهلعون ويهربون، بقبول رسمي اقليمي ودولي وقبول سلطة رام الله وكأنّ المعضلة تتركز في ذبح القرابين وليس في استباحة الأقصى والتقسيم الزماني، وبحسب التصريحات الإسرائيلية ستستمر هذه الغزوة حتى انتهاء أعيادها يوم الجمعة القادم .
ومن المرجح أنْ تستأنف اسرائيل هذا السيناريو في كافة مناسباتها واحتفالاتها وأن يستمر معه تهديد أبو مازن ووعيده عليهم وليس بعيداً أن ينفخ عليهم ريحاً صرصراً، والتي ستختلق الكثير منها لأجل ترسيخ ما أنجزته في هذه الغزوة على طريق فرض الرؤية الصهيونية للحل السياسي مع الفلسطينيين، والتي تكَرَّم بعرضها وزير حرب الاحتلال غانتس والتي لا تختلف عن صفقة القرن سوى بالمسمى، بل هي أقل منها حيث اشترط فيها احتفاظ اسرائيل بالسيطرة الأمنية المطلقة على أرض فلسطين التاريخية، و بعد مرور يوم الجمعة ستكتفي قياداتنا وفصائلنا بإشباع عواطفهم ورغباتهم في تسجيل الانتصارات ما عدا محمود عباس؛ فهو، حبيب قلبي، في حالة تسجيل يومي للانتصارات منذ يوم استلامه السلطة .
وعود على بدء فإنّ الحالة المأساوية التي يمر بها النظام السياسي الفلسطيني الذي يعاني من الشقاق والنفاق وعدم الالتفاف حول أبو مازن وتقوية عزمه لإحياء الثورة الفلسطينية، و كذلك من تغيير اهتمامات الدول الاقليمية بالقضية الفلسطينية، والضغوط التي تمارسها على القيادة المسكينة الصامدة الممانعة لقبول الواقع السياسي الجديد المبني على الشراكة الاقتصادية والأمنية المُقدسة مع الاحتلال، وكذلك المحاولات اللامتناهية لربط ما يحدث في القدس بالأزمة السياسية الحكومية الإسرائيلية، بهدف توجيه الأنظار على غير أفقها الصحيح يُكرِّس التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى في ظل تغييب للوعي الشعبي الفلسطيني ،الجماهير التي تحتاج مليون عام لتكون بثورية أبو مازن>.
إنّ ما آلت إليه القضية الفلسطينية، وما طرأ عليها من متغيرات داخلية وإقليمية ودولية وكونية، وتكالب المحتلين والنفعيين عليها حاشا وكلا أن يكون أحد من السلطة يمت لهم بصلة، يدعو الرئيس عبّاس صاحب الإرث النضالي ووقفات العز في وجه بينيت ونتنياهو من قبله لرفقاء انطلاق الرصاصة الأولى، والذي تعهد وأقسم ووعد وحلف ومسك شاربيه مرارًا وتكرارًا بأنْ لا، ولن وكلا يسمح للتاريخ أنْ يُسَجلَ في عهده، عهد العز والشموخ، تفريط في الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها عدم التخلي عن القدس ومقدساتها، إلى إعادة تقييم ما آلت إليه القضية الفلسطينية لا لا أعوذ بالله، والتحرر من القيود الإقليمية والدولية التي لا يعنيها سوى المحافظة على دولة الاحتلال على عكس الرئيس عباس الذي يتمنى سلاماً حارقاً يقضي على الطرف الآخر، وبسط روايتها التلموذية في المنطقة العربية، ووضع مقررات المجالس الفلسطينية موضع التنفيذ متسلحًا بإيمانه بشعبه وحقوقه التاريخية في وطنه.
إنّ بقاء الواقع الفلسطيني المرير على ما هو عليه، والقبول بفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى تحت ستار العملية السياسية، والاتفاقيات المرحلية، أو الانتصارات الوهمية، لهو لعنة تاريخية، ووصمة عار في جبين الجميع، وستحول تاريخنا لبصاق وطني، لن يشفع فيه معادلات وتوازنات إقليمية أو دولية، أو النوايا الحسنة، نسجد لآلامك يا سيادة الرئيس .
- +٤ لغة رومانسية قوية تتوه القارئ والمحرر وتوهمه بأنك ستشعل نيران الثورة بمقال لاذع
- +٦ على الاعتراف بأن عملية السلام الفلسطينية لم تأت للفلسطينيين بنتيجة
- -٨ على توقعك أنّ عملية السلام قد تأتي بـ"حمل منشود" من الأساس
- +١ على الجمباز الفكري المميز بنقد عملية السلام والشراكة الأمنية والتملّق لقادتها في نفس المقال
- -٢ للخلط بين إرث المفاوضات والانبطاح وإرث النضال
- -٣ على تصغير قضية الفلسطينيين مع الاحتلال لصراع على باحات المسجد الأقصى، ٣ مرات
- -١ لاعتقادك أن أبو مازن فراشة، أو إيكاروس، يحترق جناحاه تحت ضوء السلام
- +٤ على شدة صبرك وتحملك عدم ذكر الرئيس أبو مازن طيلة الفقرات الأربع الأولى
- -١ على عدم تحملك ألّا تذكره وتخصيص أسطر من أجود ما كتبت من الغزل العذري له
- -٣ لتجاهلك ذكر المرابطين والشعب الفلسطيني في المقال كاملاً