لايف ستايل، الحدود تسأل والحدود تجيب

لماذا لا نعامل تكاثر الشجر كخدشٍ للحياء العام؟ أنت تسأل رغم انغلاق أنفك وضيق نفسك والحدود تجيب

شفيق العَقشَبدْري - ناشط في مجال حقوق الهومو سيبيان

Loading...
صورة لماذا لا نعامل تكاثر الشجر كخدشٍ للحياء العام؟ أنت تسأل رغم انغلاق أنفك وضيق نفسك والحدود تجيب

الدنيا ربيع والجو البديع، صحيح، لكنَّ ما يهمك أنت هو إقفال كل المواضيع، فلن تتمكن من التفاعل مع أي موضوعٍ يُفتح أمامك أو التركيز بما يُقال من حولك، نظراً لانشغالك بالعطس ومرمغة ملابسك ويدك ووجهك بالمخاط بعد استهلاكك كل المناديل المتوفرة حولك، وانهمار شلالاتٍ من كل فتحةٍ في جسدك الهزيل.

بينما تفقد السيطرة تماماً، تبدأ في الثواني المعدودة بين العطسة والحكَّة بالتساؤل عن مبرر وجود الشجر في الشوارع أساساً، فلا هو كثيفٌ بما يكفي لتستظلِّ به، ولا هو مثمرٌ ليشبع جوعك. وإن جُننت واقتربت منه ينتشي فوراً وينفث في وجهك حبوب لقاحِه بكل وقاحة، في وضح النهار وفي الشارع بين العوام، دون أدنى اكتراثٍ بحُرمة جسمك ومساحتك الشخصية، ورفضك ممارسة أفعاله الفاضحة.

فلماذا إذن يوجد الشجر؟ ولماذا لا يُحاكم بتهم خدش الحياء العام أو تهديد قيم الأسرة أو حتى الاغتصاب كأي إنسان؟ خصوصاً مع عدم تفريقه بين الصغير والكبير، ولا المثلي أو المغاير جنسياً، ولا الموافق أو الرافض لنزواته، فيمارس انحرافاته الجنسية دون حسيبٍ أو رقيب على أي سيء حظٍّ يمرُّ بجانبه.

رسم توضيحي لاعتداء الشجر الجنسي على الإنسان
رسم توضيحي لاعتداء الشجر الجنسي على الإنسان

الحقيقة أنَّ الشجر مدعومٌ من أثرياء البلاد وأصحاب السلطة، بدلالة سيطرته على مساحاتٍ شاسعة مسيَّجة بأسوارٍ عالية، أو وقوفه أمام منازل الأثرياء الذين يجلسون في شُرَفهم يضحكون على تحرِّشه بالمشاة. كما أنَّنا نعيش في مجتمع شجوري قميء، يسمح للشجر بممارسة الجنس علناً ويتم التغاضي عن جرائمه الجنسية بحجة أنَّ الشجر لا يعيبه إلا جذوره، ويتلقى الفرد منَّا حبوب اللقاح في وجهه مطأطئاً رأسه باحثاً عن أدوية مضادة للحساسية وهو مكسور وجريح.

علينا نحن الذين نعاني من سطوة الشجر وسيطرته على حياتنا أن نواجهه، ألّا نخجل من تعرضنا للاعتداء وندِّعي إصابتنا بالرشح كلما تحسسنا منه، فلندعم حملة "بي تو"، لكل ضحية فقدت القدرة على نطق حرف الميم لانغلاق فتحات أنوفها، وتسلَّخ الجلد عنها من كثرة استعمال المحارم، وأن نجاهد حتى تزجَّ كلُّ شجرةٍ في السجن وتتعفن هناك حتى تصبح بيت نملٍ يبيض فيها لتشعر بنا.

صورة لنحلة كينكي
صورة لنحلة كينكي

على الشَّجر أن يعي أنَّ حريته تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. وعليه احترام الحدود التي وُضعت في مجتمعنا، تماماً كما نُطالب الإنسان باحترام هذه المعايير. يكفي أنَّنا نسمح له بالبقاء عارياً طوال الخريف. وإن لم تعجبه بلادنا فيمكنه أن يلملم أوراقه ويرحل إلى أوروبا حيث يسرح الشجر والعشب والخَضار ويمرح كما يحلو له.

شعورك تجاه المقال؟