لايف ستايل، دليل الحدود

دليل الحدود للجلوس في أحضان الغرباء في وسائل النقل العام

شفيق صحصح - خبير الحدود للتكيف ضمن مجتمعات النقل العامة

Loading...
صورة دليل الحدود للجلوس في أحضان الغرباء في وسائل النقل العام

لا بدّ وأن ركوب وسائل النقل العام يشكل تجربة استثنائية يومية، تتطلب استعداداً نفسياً وجهداً مضاعفاً للسيطرة على أعصابك والتعامل مع  المواقف التي  يُعرِّضك لها أقرانك، هؤلاء الذين  يعاملون وسائل النقل العام على أنها زريبة حيوانات خاصة بهم، فيشعلون سجائرهم وينفثون دخانها في وجهك، لينقذوك من استنشاق روائح عرقهم، كما يستفزونك بأصوات مضغهم الفستق بينما يزعق طفل على المسافة صفر من طبلة أذنك ويرطبها بلعابه.

لكن وبما أنك لا تملك خياراً آخر في ظل بقائك ضمن الطبقة المسحوقة ولا تستطيع حتى شراء توك توك مستعمل، عليك التعود على جميع السلوكيات الغريزية التي تراها في حظائر النقل العام والتكيف معها، وتعلم تكتيكات المراوغة والمرونة والاندفاع والصمود أمام الرفسات واللكمات للتنصل من الزحام، وتحظى أخيراً بشرف الجلوس خلال رحلتك، في حضن أحد الغرباء.

نحن في الحدود، ونظراً لمعاناتنا اليومية في التنقل في وسائل النقل العامة - بما أن أبو صطيف يصر على عملنا من المكتب حفاظاً على فاعلية مسحه بكرامتنا الأرض - جمعنا لك مجموعة من النصائح والإرشادات التي من شأنها ضمان تجربة إنسانية حميمية عندما تجد نفسك وسط هذا الجو المشحون جالساً في حجر شخص غريب، وتشم رائحة أنفاسه الكريهة في الصباح الباكر.

١. دع جسدك للماء... حتى تطفو:

استرخِ على الفور، لا داعي للتكبر والتعفف في هذه اللحظات. لا تسمح لأعضائك أن تتشنج وتتيبس، هيا.. تشجع ولحلح نفسك قليلاً وارتح، لا تكترث بردود أفعال الراكب الذي تجلس في حضنه، فالأهم أن تتلقيا الصدمات الحافلة جراء نزولها في حفر الطريق، وضربات المكابح المفاجأة من السائق وتدافع أكوام الناس فوقكم بأخف الأضرار.

٢. ناوله هاتفك الشخصي:

من المتوقع أن تحاول تشتيت ذهنك بإخراج هاتفك وتصفح فيسبوك، ننصحك في هذه الحالة بتوفير العناء على نفسك وعليه، وناوله هاتفك، لا تسأله إذا عن رغبته في قراءة محادثتك مع شريكك العاطفي، أرهِ إياها مباشرةً ودعه يعطيكَ رأيه بعلاقتك وشريكك على ضوء خبراته العاطفية المتراكمة، وإذا كانت الزحمة خانقة، ننصحك أيضاً بإخراج سماعاتكَ حتى تستمعا لبعض الأغاني مع بعضكما، والتي سيختارها لك على ذوقه.

٣. ادفع عنه ثمن التذكرة:

نمزح معك، ندرك عدم امتلاكك نقوداً تكفي لتغدق بكرمك عليه، لكن ألا يستحق هذا الغريب منك بعض التقدير المادي لأنه أتاح لك حضنه لتجلس عليه؟ لمَ لا تبدأ من اليوم في التفكير به قبل الخروج من منزلك؟ وتصطحب له معكَ سندويشة لبنة تتقاسماها سويا أيضاً.

٤. حافظ على رشاقتك وسرعة بديهتك:

لا تضعف في حضن هذا الغريب وتسمح لشعورك بالألفة بأن ينسيك أنَّ لكل قصة نهاية، فمحطة الغريب اقتربت ويهم بالنزول، لا، ليس هذا وقت الوداع، لا داعي أن تدعي أنه صديقك، فأنت لم تكلف نفسك عناء السؤال عنه اسمه حتى، المطلوب منك الآن أن تكون رشيقاً وتنقض بسرعة على مكان جلوسه قبل أن يسرقه أحد الركاب الآخرين منك، لتجلس أخيراً على المقعد الحديدي المهترئ مع برغي بارز في الوسط.

شعورك تجاه المقال؟