تغطية إخبارية، الحدود تسأل والحدود تجيب

ما هي البنية التحتية التي كلفت مصر ٤٠٠ مليار دولار؟ الحدود تسأل ومواطن مصري يبحث عن سرير في مستشفى يستقبل ابنه الذي سقط عليه سقف مدرسة يجيب

شفيق بسيط - مراسل الحدود لشؤون البنية الفوقية

Loading...
صورة  ما هي البنية التحتية التي كلفت مصر ٤٠٠ مليار دولار؟ الحدود تسأل ومواطن مصري يبحث عن سرير في مستشفى يستقبل ابنه الذي سقط عليه سقف مدرسة يجيب

مع توالي التقارير بشأن مشاريع البُنية التحتية التي كلّفت مصر ٤٠٠ مليار دولار، مرفقة بصور الرئيس الدكر عبد الفتاح نور عنينا السيسي مرتدياً خوذة الإنشاءات بصحبة المهندسين أمام خلفية للعاصمة الإدارية الجديدة ونماذج ثلاثية الأبعاد لقطارات وأشجار وناس يتمشون، تساءل المواطن غ.ر.غ.، وهو يحمل ابنه المصاب من سقوط سقف مدرسته ويبحث له عن سرير في مستشفى حكومي، أين هي الـ٤٠٠ مليار دولار التي ستنمي حياته وتغيرها للأحسن؟

يعتقد البعض أنّ المبلغ هذا صُرف بالكامل على صور الرئيس الدكر عبد الفتاح نور عنينا السيسي مرتدياً خوذة الإنشاءات بصحبة المهندسين أمام خلفية للعاصمة الإدارية الجديدة ونماذج ثلاثية الأبعاد لقطارات وأشجار وناس يتمشون، فقط، وهو اعتقاد مغلوط؛ فثمة أجزاء من الـ٤٠٠ مليار خُصصت لقاعات الاجتماعات الفسيحة التي يتكلم فيها السيسي مع جمهوره وهو جالس على الكرسي المريح، ناهيك عن مصاريف إنتاج الفيديوهات والمؤثرات الصوتية لتغطية حديث السيسي مع جمهوره وهو جالس على الكرسي المريح، وبعض الفكّة التي صُرفت على القطارات السريعة والطرق السريعة والكباري الوسيعة التي ستأخذ غ.ر.غ. إلى عمله في العاصمة الإدارية الجديدة دون أن يعلق في الزحمة ليلمع نوافذها وطرقها بسرعة ويجعلها لائقة بالمواكب الرئاسية والوفود الحكومية والجماهير العريضة المُتطلعة لسماع خطابات عن تحسن أوضاع المواطن المصري.

يسأل غ.ر.غ. عن سبب عدم وجود صرف صحي في منزله المسند بكوبري الملك سلمان، متجاهلاً أو جاهلاً المعنى الدقيق للصرف الصحي؛ فما الصرف الصحي إلّا صرف، وصرف هو الجذر الثلاثي لفعل صَرَفَ ومضارعه يصرِفُ، فقد يصرف السيسي على قصر رئاسي مثلاً وهذا يعتبر صرفاً، أما مفهوم صحي فهو مشتق من كلمة صحَّ أي صحيح وكامل، فصرف السيسي على قصره يعتبر صرفاً يصحُ لإنه لا يصحُ إلا الصحيح والصحيح أنّ ٤٠٠ مليار صُرفت بالفعل على تحديث الصرف الصحي والمتكامل لحياة قادة الحكومة المصرية.

مشكلة المواطن غ.ر.غ. الذي يجر ابنه من مستشفى إلى مستشفى، هو جهله بحقيقة أنّ مصر تدخل عصرها الجديد؛ فقد وضع السيسي حداً لسنوات الضياع التي واجهتها الدولة بعد اندثار العائلة الفرعونية الثلاثين، وبعد استلامه السلطات كاملةً، واحدة تلو الأُخرى بدأت مصر طلعتها وصعودها إلى العُلا وما بعد بعد بعد الحداثة، حيث أصبح الحديث عن البُنية التحتية لا يليق بهذه الدولة العصرية التي تجاوزت تلك المرحلة البدائية وبدأت تعمل على البُنية الفوقية، التي تظهر جليّةً في ناطحات السحاب وملاعب الغولف والفنادق المقامة فوق ردم المساكن البالية؛ البُنى الفوقية التي هي أعلى وأرقى من أن تُناقش البُنية التحتية السُفلى، فالمنتجع أبقى من العشوائية.

ورغم مسيرة التطور والتنمية التي لا يراها المواطن ناكر الجميل غ.ر.غ.، يظهر السيسي، بكل تواضع ويعرض نفسه للبيع، يذل نفسه، لأجلك يا غ.ر.غ.، ويتسول من الدول الخليجية والصناديق المالية الدولية لتفرح وتهيص بصورة مصر في العالم، التي بإمكانك أن تُعلقها على جدار منزلك وتفتخر بها قبل أن ينهار.

لننظر قليلاً إلى الحسابات والأرقام؛ إذا قسّمنا ٤٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠ دولار على سُكان مصر الـ ١٠٠,٠٠٠,٠٠٠ يصبح جلياً أن حصة الفرد من ميزانية التنمية ٤٠٠٠ دولار، ولنقسم هذا المبلغ على ٧ سنوات، فيكون حصة الفرد السنوية من التنمية حوالي ٥٧١ دولار، ما يعني أنّ حصة الفرد اليومية من التنمية المصرية تبلغ ١,٥ دولار، فهل تستكثر التبرع بهذا المبلغ البسيط من حصتك للتنمية لتحيا مصر وترفع رأسك، من بين الرُكام، وتفتخر بمدن بلدك البراقة وصيتها حول العالم؟ السؤال لك يا غ.ر.غ.، أوه آسف، ابنك مات وهو ينتظر، الله يرحمه، الأعمار بيد الله.

شعورك تجاه المقال؟