تغطية إخبارية، رأي

"تنحَّ يا زيلينسكي وجنّب شعبك ويلات الحرب" بقلم الدكتور بشار الأسد

الدكتور بشار حافظ الأسد، الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي العالمي، قائد مسيرة التطوير والتحديث، المندوب السامي للإمبراطورية الروسية في شرقي المتوسط

Loading...
صورة "تنحَّ يا زيلينسكي وجنّب شعبك ويلات الحرب" بقلم الدكتور بشار الأسد

أيتها الأخوات والإخوة، 

قراء شبكة الحدود الإرهابية،

أكتب لكم باسمي وباسم حزب البعث العربي الاشتراكي والشعب السوري، العربي كذلك،

استفاق العالم في الرابع والعشرين من شهر شباط المنصرم من العام الثاني والعشرين من الألفية الثالثة على أصوات مدافع كلمة الحق تعلو في شرق أوروبا بعد أن تمادت كيانات الغرب باستفزاز السيد فلاديمير بوتين المحترم، فأعلن إثر ذلك عن عملية عسكرية دقيقة ومحدودة -كتلك التي أجراها في إدلب- تستند إلى الرؤية السيادية الإقليمية الحكيمة، تضع حداً للزحف الأورو-استعماري لشرق أوروبا على الأراضي الأوكرانية، تعيد استقلال أوكرانيا، من غزاتها الأوكرانيين، وتضخ الدماء في أجساد أبطال الجيش الروسي -البواسل بطبيعتهم- الذين استحقوا استراحة محارب بعد تحرير الأقاليم الروسية الأخرى من براثن الإرهاب والتكالب والمؤامرات، مثل كازاخستان والشيشان وسورية.

ورافق هذه العملية اعترافٌ من قبلنا -ومن كافة الدول التي يُشهد لها باستقلالها وسيادتها وحريتها وتمسكها بثوابتها الوطنية- بسيادة جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، لتتعالى بعض الفقاعات الصوتية الفارغة القادمة من الغرب وتبدأ بالشجب والتنديد والعواء على دعم روسيا لما أُسميَ بـ "القوات الانفصالية" و"العصابات الإرهابية". 

لكن مهلاً، 

دعونا نعرّف الانفصال على حقيقته، بعيداً عمّا تروجه وسائل الإعلام التي تخدم أجندات مرؤوسيها:

إن الانفصال ما هو إلا الانسلاخ؛ الانسلاخ عن مبادئ الوحدة القومية التي حاولت وتحاول جاهدةً ليبرالية الغرب الحديثة تفريقها في مختلف أنحاء العالم، سواء في المنطقة العربية أو أميركا الوسطى والجنوبية أو زيمبابوي وروديسيا أو الاتحاد السوفييتي في السابق. وبهذا، نرى أن الانفصالي الحقيقي في أوكرانيا، ما هو إلّا المدعو فولوديمير زيلينسكي، الذي انسلخ عن مبادئ وحدة شعبه وشعوب شرق أوروبا بالمصير المشترك المحتوم داخل البيت الروسي الكبير الذي يسع العالم بأكمله.

إلى فولوديمير زيلينسكي، أدرك أنك رئيس شاب، وأتفهم فقر تجربتك السياسية؛ خصوصاً أنك قدمت من اختصاصٍ آخر، ووجدت نفسك رئيساً لبلدك بين ليلةٍ وضحاها. لذا، أنصحك بالقراءة عن حرب سورية الأخيرة، لعلّك تتعلم درساً أو اثنين من كيفية حفاظ الجيش الوطني الحق على تماسك كافة المحافظات السورية الست بعد الحرب الكونية رغم محاولات تمزيقها.

لا تُخرج مقاتلين من السجون، لا ترفض المفاوضات؛ فالأستاذ فلاديمير بوتين مدّ لك يدّه، لا تعضها وترهص وتتخبط بأوهام وأضغاث الرجعية العالمية.

إن ما يحصل اليوم في أوكرانيا لا يمكننا وصفه إلا بطريقةٍ واحدة: منعطف تاريخي حاد، وطريق ملتوٍ وعر، ومأساة إنسانية يمكن تجنبها. الفرصة الآن أمام الرجال للوقوف على جانب الحق في هذه اللحظة التاريخية. 

لكن مهلاً، دعنا نُعرّف ماذا نعني بمصطلح "رجال" تجنُباً للبس ومنعاً لتصيّد قوى الظلام: 

الرجال يا زيلينسكي، لا تلهث وراء الدولار؛ لم يفعل ذلك أحدٌ إلا كساه العار. المنصب ليس له قيمة إذا لم يكن له دعمٌ شعبي، ونسب استفتاءات، واستحقاقات دستورية نزيهة، حتى وإن لم تعجبك نتائجها؛ فالمهم هنا أنّ الرجال -كالأستاذ بوتين مثلاً- تقف في صف الرجال وتخلق حليفاً بألف، لا بل بمليون، شعب.

وتستطيع يا زيلينسكي أن ترى بنفسك أن تشبثك بكرسي الحكم خلّف وراءه آلاف القتلى والجرحى وأكثر من مليون لاجئ في أقل من أسبوعين... من أجل ماذا؟ ها؟ من أجل ماذا؟ قل لي؟ 

ضع نصب عينيك سيادة شعبك وحقه في أن ينعم بالأمن والأمان، جنّب شعبك ويلات الحرب ولا تجرّه إلى مآسي التشرّد والجوع، ليركب القطارات، ويلهث للحدود، وتُغلق أمامه الأبواب، أو أن يغرق في البحار والأنهار. 

تنحَّ. نعم تنحَّ. ولا تكن بيدقاً بيد القوى العظمى المتصارعة تستخدمه لتحقيق أهدافها الإستراتيجية وتفتح بلادك ساحة لهو للإمبريالية؛ كما رأيناها تفعل في الشرق الأوسط عموماً، وعلى سواحل البحر المتوسط على وجه الخصوص، إلى اليمين قليلاً، نعم، وصلت.

وإذا نظرت إلى الصراعات التي وقعت في العقدين الأخيرين، تستطيع أن ترى بوضوح إلامَ ستؤول الأمور. لقد رأينا بالفعل بداية تسلل أصحاب اللحى والتكبيرات من قوى الحلفاء لمؤازرة الجيش الروسي في عمليته في الداخل الأوكراني، لكن هذا قد يمنح أصحاب اللحى والتكبيرات المتحكم بهم من قبل الغرب شعوراً بالأهلية للوجود هناك أيضاً، ما سيحوّل أرضك إلى حظيرة حيوانات ومزرعةٍ تنبت فيها بذور التكفير والظلام، وسيقوّض سيادتها أمام جيرانها من الأعداء ليستبيحوا أجواءها وأرضها وموقعها الجغرافي المتميز.

تنحَّ يا زيلينسكي؛ فما وراء البقاء إلا الشقاء!

وتحيا روسيا.

columnist

الدكتور بشار حافظ الأسد

الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي العالمي، قائد مسيرة التطوير والتحديث، المندوب السامي للإمبراطورية الروسية في شرقي المتوسط

شعورك تجاه المقال؟