بانوراما الحدود: رومانسية الأنظمة العربية في عيد الحب
محسن أبو الدباديب - مراسل الحدود لشؤون العلاقات غير السامّة
١٤ فبراير، ٢٠٢٢

في عيد الحب، ترى المواطن العربي مُنشغلاً بإشعال فتيل علاقته العاطفية وإلهاب مشاعره المرهفة من خلال إهداء الدباديب والأرانيب والأزهار والأشعار؛ فيتحوّل العيد إلى حفلة لتبادل الحيوانات والنباتات، يغفل العاشق في خضمها مُعايدة أركان النظام السياسي الذي يحكمه، النظام الذي لطالما كان رفيق دربه، الحقيقية الوحيدة الثابتة منذ عشرات السنين في حياته العاطفية المُتقلبة.
ولأنّ الأنظمة السياسية العربية تهتم وتتذكر، ولأنها مُولعة بالتفاصيل والمناسبات والاحتفالات القومية، أطلقت دول عربية عدداً من المبادرات الرومانسية في عيد الحب، لتظهر لمواطنيها أنّها تكترث بهم، حتى إن هم نسوها لأسباب مادية وانشغلوا عنها بتأمين الطعام والشراب والمحروقات والحصول على بعض الهواء للتنفس.
الإمارات
كيف لا نبدأ بدولة الريادة ومركز التحوّل الرقمي في المنطقة؟ لم تفوّت الإمارات المناسبة هذه لتُثبّتَ نفسها رائدةً في أساليبها، متقدمةً على جيرانها؛ إذ أرسلت إشعاراً لمواطنيها كافة، صباح اليوم، تهنئهم بعيد الحب، مع إدراج بطاقة رقمية مخصصة لكل مواطن لتُذكرّه بتهنئة شريكه، وقد تضمنت البطاقة اسم الشريك الثلاثي، ومقترحاتٍ لهدايا ستعجبه، والأماكن التي يفضل كلاهما قضاء العيد فيها، بناءً على محادثاتهما وتحركاتهما التي كانت تطّلع عليها باستمرار لإنجاح التجربة هذه.
السعودية
قدمت المملكة للمواطنين من مختلف خلفياتهم فرصة قضاء ما تبقى من حيواتهم في بعض المنشآت المحيطة بقصر اليمامة في الرياض بشروط بالغة السهولة، تضمنت التغريد بحقّ جلالة سمو ولي العهد، وأن يكون المُغرّد مولوداً لعائلة شيعية أو امرأة تتكلم بحقوق غير تلك التي منحها إياها ولي العهد، وقد أتاحت الدولة خدمة VIP للمميزين من الفئات هذه، تمثلت بقضاء الوقت مع بعض أفراد العائلة الحاكمة، كالأمراء أحمد بن عبد العزيز ونواف ومحمد بن نايف.
ولم تقف عطايا المملكة عند شعبها فحسب، بل امتدّت إلى الشعوب الشقيقة؛ فأغرقت الشعب اليمني بنفس المشاعر، حيث أمر قائد القوات المشتركة الفريق الأول الركن مطلق بن سالم الأزيمع أسراب مقاتلات سلاح التحالف الجوي بتشكيل قلب حب كبير عند تحليقها فوق سماء اليمن، طوال اليوم وفي الغارات كافة، لتذكير الشعب اليمني بوجود الشعور هذا في مكانٍ ما.
مصر
لأنّ كل يوم في مصر هو عيد حب، لم يحتج سيادة الرئيس الدكر نور عيننا السيسي أنّ يقول شيئاً جديداً بالمناسبة هذه، واكتفى بما قاله الشهر الماضي عندما سُئل عن عدد المُعتقلين السياسيين في الدولة:
سوريا
أدركت القيادة الحكيمة أنّ المؤامرة الكونية التي عصفت بالبلاد أحدثت شرخاً بين أبناء الشعب. وانطلاقاً من حرصها على تماسك الفسيفساء السورية، أطلقت الحكومة برنامج "تزاحموا تراحموا" الذي سمح لمختلف أطياف الشعب بالاجتماع وقضاء أيامٍ وليالٍ أمام شبابيك الأفران وبجانب محطات الوقود؛ لتبادل الأحاديث والجالونات وتعزيز مشاعر الألفة والحميمية بينهم، وعواطف الانتماء للدولة والحب لسيادة الرئيس الذي احتاج إلى جرعة حنان شعبية في عيد الحب بعد تجاهل بوتين، مرةً أخرى، لرسالة التهنئة والعتاب على تجاهل الرسائل الخمس الأخيرة التي أرسلها له.
العراق
رغم انشغال الدولة بشؤون الانتخابات الرئاسية وما تتضمنه من جولات تكسير عظام وشجارات روتينية، لم تنسَ الحكومة العراقية شعبها في اليوم هذا، وأظهرت له مشاعر العطف والحنان عن طريق وزارة خارجيتها التي دعت المواطنين إلى مغادرة أوكرانيا في ظل الأوضاع الراهنة، خوفاً عليهم من استرجاع ذكرياتهم في العراق. كما أظهرت جانباً أكثر صدقاً وعمقاً من الحنان عندما لم تأتِ في بيانها على أي ذكرٍ للعودة، فأهل بغداد أدرى بشِعابها.
لبنان
نظراً لتردّي الأوضاع الاقتصادية وصعوبة تحريك السيولة، اقتصرت الهدية الحكومية على الرمزيات، إلا أنها عنت الكثير للشعب اللبناني، حيث قدّم سعد الحريري للشعب اللبناني هديته الكبرى في مسيرته السياسية بإعلان عدم ترشحه للانتخابات البرلمانية، ما منح الشارع اللبناني أملاً بمستقبل مشرق، على أن يُبدّده رياض سلامة بفضائح جديدة فور انتهاء العيد.
تونس