فضائيات عربية تنعى نِسب متابعة حادثة الطفل ريان
عِماد كفتة - مراسل الحدود لشؤون الركمجة الإعلامية
٠٧ فبراير، ٢٠٢٢

بقلوب دامية وعيون باكية ومنصات خاوية، نعت فضائيات وصفحات عربية نسب المتابعة التي اعتاشت على حادثة الطفل ريان الأليمة، المتابعات الثمينة التي تهاوت مع هجران المشاهدين للبث المُباشر فور الإعلان عن وفاة الطفل، مدركةً أنّ ما كان يبقي الجموع متسمرين خلف شاشاتها، من نيويورك إلى قرى الجزائر، هو مشهد ريّان في اللحظات الأخيرة من حياته والتصريحات عن قرب إنقاذ الطفل طيلة الأيام الخمسة.
وبذل الصحفيون قصارى جهدهم للحيلولة دون سقوط نسب المتابعة ولكنهم سلّموا بالقضاء والقدر وأمر الله المُعلن من الجهات الرسمية عن انتهاء عمليات البحث والإنقاذ للأسف وخروج الطفل جثةّ هامدة لا يمكن عصرها لمواد صحفية جديدة، كما لم تفلح محاولات جدولة خبر الوفاة لوقت لاحق أو الاستعانة بطفل آخر لإنزاله مكان ريان مع كاميرا بث حي ومُباشر من داخل البئر واستضافة طاولة مستديرة جديدة لتفحّص وتشريح وتحليل آلام أهله وأحبائه.
وفي رثاء نسب المتابعة، جلس مُعِدو البرامج في الفضائيات العربية أمام الشاشات يراقبون أعداد من تابعوا البث المباشر وأعداد الإعجابات والمشاركات والريتويت ودعوات الجماهير في التعليقات تهبط إلى أن عادت إلى مستوياتها الاعتيادية ما قبل سقوط ريّان، رافعين أكفهم إلى السماء وداعين الله أن يرزقهم مصيبة تماثل مصيبة ريّان وأهله تعيد لهم أمجادهم هذه في أقرب وقت، قبل أن يفقد أحدهم عقله ويزج بإبنه شخصياً في بئر ويقود السبق الصحفي الهستيري القادم.
ولم يكتف الطفل ريان بإيذاء العديد من القنوات والوظائف بوفاته اللامبالية، بل وتمادى ليمنع الملك محمد السادس من تنفيذ مناورته الإعلامو-عسكرية والترويج لنجاحه بإبقاء الطفل على قيد الحياة. كما وحرم الطفل ريّان بموته عديد الرأسماليين من استكمال بيع وطباعة قمصان "أنقذوا ريان" وزيادة ثروتهم طردياً مع كل صورة له على البث أو كل منشور يعيد صوته الخائف الخافت وهو يناشد "طلعوني طلعوني" مرةً ومرتين، ليضطروا الآن للبحث عن كارثة أُخرى يعيدوا طباعة الوجه الآخر من القميص عليها.
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.