فتوى الحدود: هل يعدّ اعتناق مبدأ سياسي معارض إلقاءً بالنفس إلى التهلكة؟
فضيلة مولانا الشيخ مدرار أفاضل - شيخ الحدود لشؤون التحريم والتحريم
١١ يناير، ٢٠٢٢
مع توجّه المواطن العربي، المسلم والمسيحي والشيعي، إلى الميادين والشوارع لتفريغ غضبه ومعارضة الحاكم بأمر الله وما يتلو ذلك من تلقيه الصفعات واللكمات والزجّ في المعتقلات ليسوم فيها سوء العذاب، كثر السؤال والاستفسار من الأخوة المؤمنين حول الحكم الشرعي لاعتناق مبدأ سياسي معارض لما له من صلة بفعل إلقاء النفس إلى التهلكة الذي نهى عنه الله عزّ وجل.
وبعد العودة إلى كتب الفقه واستشارة أهل العلم، أوجز لك الجواب، أخي المُعارض الخجول، أو المُعارض عَن بُعد، أو المائل إلى المُعارضة، أو عنصر المخابرات الجليل:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على أنبيائه ورسله وأوليائه الصالحين، والحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين.
يعدّ اعتناق مبدأ سياسي مُعارض لنظام الحكم القائم، موضوعاً شائكاً فقهياً لما يحمله من متغيرات واجتزاءات، ولكن بناءً على معطيات العصر وورود احتمالية معارضة السيسي أو ابن سلمان أو عبدالله الثاني، وبعد تطور بيغاسوس وفيسبوك لايف والتطبيع وإكسبو، أصبح من الأولى قياس أنواع المعارضة المختلفة كل على حدى لاستخلاص الحكم التكليفي عليها.
أولاً: حكم مُعارضة النظام عن قُرب: حرام شرعاً، وقفاً لقوله تعالى "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا"، وقوله ""وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، سيما إن كانت التهلكة خلف الشمس، شمسٌ لم يخلقها الخالق عند بدء الكون*.
ثانياً: حكم معارضة النظام عن بُعد: مُباح ضمن ضوابط ذكاء العبد وغباء الأنظمة وعلاقتها مع الدول حيث تقبع سفاراتها الخارجية.
ثالثاً: حكم معارضة المعارضة لنظام حكم على مقربة من مركز الدولة: فرض كفاية، لما فيه من حفظ للنفس ورعاية لها ورفعة لها لأعلى المقامات كوزير أو مستشار للوالي.
*فيما يتعلّق بحكم المُعارضة التي تُفضي بإلقاء النفس إلى تَهلُكة، يجب الإشارة إلى اختلاف تعريف التهلكة بالقياس، وعليك أخي المؤمن استفتاء نفسك بالسؤال التالي: هل أنا قابع في تهلُكة من الأصل وخروجي لمعارضة الوضع المُهلك هذا سيفضي لقتلي أو تقطيعي؟ فإن كان الجواب نعم، يجوز إلقاء النفس إلى التهلكة عبر المعارضة السياسية لكون موت العبد المحتوم يُخرجه من التهلكة الأصلية ويريح روحه من تَهلُكة قاهرة إلى تهلُكة خالدة في الآخرة لا حاكم عربي فيها، والله أعلم.