لايف ستايل، دليل الحدود

أساليب تربوية حديثة: كيفية إلغاء الآخر كي لا تضطر لتعليم أبنائك عن وجوده

عايد مفروز - خبير الحدود لشؤون الحماية من الأخطار المحدقة

Loading...
صورة أساليب تربوية حديثة: كيفية إلغاء الآخر كي لا تضطر لتعليم أبنائك عن وجوده

مذ كنا مجرد فصائل من الهوموسابيانس والنياندرتال، ومشكلة الآخر تتربع على عرش مشاكلنا؛ إذ يكفي أن تتوفر في هذا الآخر أي صفة من صفات الآخر -كأن يكون ذا لون بشرة مختلفة أو امرأة أو صاحب ميول جنسية مغايرة أو ذا طريقة مختلفة لنطق حرف ما- حتى يُصنَّف تهديداً مباشراً للإنسانية والطبيعة البشرية والوجود.

وخلال الرحلة المضنية التي خاضها الإنسان مع الآخر، استطاع دوماً إيجاد التدابير والقوانين والإجراءات الكفيلة باجتثاثه والقضاء عليه، أو على الأقل عزله بعيداً قدر الإمكان كآخر لهُ ما لهُ ولنا ما لنا. لكن اليوم، مع تحول العالم لقرية صغيرة، باتت المسافات مع الآخر قريبة جداً، وإمكانية التعرض له أو الاصطدام به أصبحت مؤكدة، وعلاوةً على ذلك أُعطيَ هذا اللعين الحق بالتعبير عن نفسه وأفكاره وميوله وغيرها من الأمور التي تثير إزعاجك وقرفك واشمئزازك وسخطك وتقلق راحتك وتسبب لك الأرق والتقلب في الليل وكثرة التفكير في سرعة انتشار الآخر وتهديده لمساحة حريتك وتقليصها لتنحصر بحريتك الشخصية فقط، بعد أن كان بإمكانك حشر أنفك وإصبعك ويدك وقدمك في كل ما تريد.

قد لا تكون الأمور كارثية لهذه الدرجة بالنسبة لك؛ فأنتَ في النهاية تربية أهلك، لن يفلح الآخر بالتأثير عليك مهما عاش حياته الطبيعية في الطول والعرض أمام عينيك، لكن ماذا عن أبنائك الذين تحاول تربيتهم كل شبر بنذر أو تطمح لإنجابهم وتربيتهم مستقبلاً؟ كيف ستشبع فضول الأطفال وأسئلتهم التي لا تنتهي في مواجهة قيم العصر الحالي؟ كيف تضمن مساحة آمنة لك ولأسرتك من تسلل الآخر خلال إحدى مباريات كرة القدم كما حدث مع أبو تريكة وطفلته؟ أو في أفلام مارفل أو برامج الأطفال؟ وكيف تكفل لهم تربية نموذجية كتلك التي حظيت بها حتى يصبحوا صورة طبق الأصل عنك؟ مثلما أنت صورة عن أبيك، وأبوك صورة عن جدك وجدك صورة عن أسلافك الأولين.

الحدود أحست بمشكلتك، وأخذت على عاتقها حلها، ودعت علماء ومشايخ وباحثين وفقهاء وخبراء مختصين للوصول إلى حل، وبدلاً من تقديمهم أجابات جاهزة لأسئلة أطفالك عن الآخر -يُرجَّح أن تليها أسئلة جديدة لا تنتهي حتى يحشرك هذا الجيل الصغير عديم الحياء في الزاوية- وجدوا الحل الأنسب للمشكلة في تلافيها من أصلها، وذلك باتباع الأساليب التربوية التالية التي تضمن إلغاء الآخر والتخلص منه وعدم اقترابه من حياة طفلك افتراضياً أو واقعياً -لا قدر الله- حتى لا تضطر أصلاً لتعليمه عن وجوده.

١. أسلوب الأف ١٦ للتربية والمتابعة:  

هناك طريقة يتبعها الأهل مع أطفالهم تدعى هيلكوبتر التربية، تتمثل بأن يحوم الأهل حول طفلهم ويراقبوه طوال الوقت. خبراء التربية لا يفضلون الطريقة هذه، ويتفق خبراؤنا معهم بهذا الرأي، وينصحون باتباع طريقة أكثر تطوراً، أسموها الأف ١٦ تقوم على التحليق المتواصل حول الطفل بدلاً من الحوم، ورصد أي أهداف معادية تقترب منه براً أو جواً وقصفها وإحالتها إلى رماد.

٢. أسلوب اذهب بطفلك بعيداً .. بعيداً جداً: 

هذا الأسلوب يضمن لك نتائج مبهرة؛ فهو يقوم على الفردية بتربية طفلك، هو واحد وأنت واحد ورأسك في رأسه طول الوقت. خذه وربِّه في الصحراء أو في القبو أو الغرفة بعد أن تحولها لزنزانة. سيكبر طفلك وهو يعاني من مشاكل عقلية وصعوبة في التواصل مع الآخرين -لكن هذا هو المطلوب- بإمكانك هكذا أن تنام قرير العين على طفلك المجنون.

٣. التربية التعاونية مع الآخرين: 

لا نقصد الآخرين الذين تكرههم حضرتك أو تخاف منهم، بل الآخرين الذين هم أنت وأنت هم، الآخرين الذين تحمل معهم الخوف نفسه من الآخر. بإمكانكم التواصل فيما بينكم وإنشاء مستعمرة منعزلة لتربية أبناء بعضكم بنفس الطريقة؛ فلا يتعرف الطفل إلا على أقرانه، وهذا تطمئنون إلى إعدادكم قطيعاً طوباوياً لا مثيل له.

٤. أسلوب كيم جونغ أون: 

نصح به العديد من الخبراء، نظراً لنجاحه في العالم. يتلخص بأن تفرض ستاراً حديدياً على منزلك وتمنع الزيارات تماماً إلا بعد تعبئة نموذج محدد وتفتيش محتويات هواتف وأجهزة الضيوف وملابسهم، واحتكار التلفاز، ومنع الجميع من استخدام الإنترنت في المنزل -ما عدا الشريك- بعد تحميل برنامج مراقبة على جهازه المحمول للتأكد من استخدامه في مشاهدة برامج الطبخ أو الرياضة الملتزمة. يضمن لك هذا الأسلوب عدم تسلل الآخر وإلغائه كلياً، مع ميزات إضافية مثل تحديد قصات الشعر لأبنائك وحرمانهم من ارتداء الجينز وتأليه أطفالك لك.

شعورك تجاه المقال؟