لايف ستايل، خبر

مسمار يباغت فم مغترب حاول تقبيل تراب الوطن

فريد شنطماري - مراسل الحدود لشؤون حضن الوطن وخوازيقه

Loading...
صورة مسمار يباغت فم مغترب حاول تقبيل تراب الوطن

بعد سنوات من مرارة الغربة والحنين للوطن وماء الوطن وهواء الوطن وبطيخ الوطن وغبار الوطن وطين الوطن وتراب الوطن، عاد المواطن شوقي توافيق إلى أرض الوطن أخيراً، وركع وانحنى ومد بوزه مقبلاً ترابه، ليباغت فمه مسمار صدئ من المسامير المنتشرة في شتى ربوعه.

وكانت رغبة تقبيل التراب قد تملكت شوقي فور وصوله المطار، إلا أنه آثر تأجيل هذه الخطوة حين اكتشف أن أرض المطار معبدة، فانتظر حتى استكمل إجراءات الدخول وغادر المطار، حيث ترجل من السيارة وراح يبحث عن بقعة تخلو من أعقاب السجائر أو قشر البزر أو علب وجبات الشاورما الفارغة أو زجاج قناني البيرة والفودكا المكسورة، دون أن يتبادر إلى ذهنه أن هذه المواد اختلطت بتراب الوطن حتى باتت جزءاً لا يتجزأ من مكوناته.

ورغم النزيف الحاد في شفته، إلا أن إحساس شوقي بالتقصير تجاه وطنه ورغبته العارمة بتعويض الغياب عنه، جعله يتجاوز الألم ويشعر بالفخر لأنه يروى بدمائه الزكية تراب الوطن الطهور كما فعل الآباء والأجداد.

كما أحس شوقي بالسعادة من هذه الحادثة التي تثبت أن بناء الوطن يجري على قدم وساق -ومن الطبيعي أن تتطاير المسامير وتتبعثر في ورشة بهذا الحجم- عاقداً العزم على تسليم المسمار الذي علق بشفته للجهات المختصة حرصاً على عدم تعطيل مسيرة البناء.

يذكر أن المسمار لم يكن الشيء الوحيد الذي باغت شوقي، فقد باغتته مكيفات المطارات بتعطلها ليتنسم هواء البلاد العليل، وباغته السيستم بالتعطل ليقف صفاً واحداً مع إخوته المغتربين العائدين إلى حضن الوطن، كما باغته تأخر الأطباء عن علاجه في قسم الطوارئ بالمستشفى، وباغتته فاتورة المستشفى، والدود في المياه، والتسمم في المطعم الشعبي، والمعاملات الحكومية، والمواصلات، والخدمات الفندقية، وذلك قبل أن يشعر بالحنين إلى مرارة الغربة والشوق لتقبيل تراب وطنه الثاني الذي سيصبح الأول والوحيد فور عودته إليه.

شعورك تجاه المقال؟