أربع أو خمس فوائد للجيوش العربية لم تكن تعرفها ولن تعرفها حتى بعد قراءة المقال
نبيه بلعوم - مراسل الحدود لشؤون الفوائد التي لا تُرى بالعين المُجردة أو بالمجهر
٣١ أكتوبر، ٢٠٢١
شأنها شأن قشر البطيخ وقمع التفاح وتفل القهوة، تحتوي الجيوش العربية على فوائد جمّة، لكنّك لا تعرفها عزيزي القارئ، ليس لأنّك جاهل وخائن وعميل وأعمى بصيرة، بل لأنّني أنا أيضاً لا أعرفها للأسف، ليس لأنني جاهل وخائن وعميل وأعمى بصيرة، بل لأنّني اتصلت بإدارة التوجيه والتعبئة المعنوية لأسألهم ولم يعرفوها هم أيضاً، وحاشا لله أن يكون هؤلاء جهلة وخونة وعملاء وعميان بصيرة فحسب.
كان بودي، أي والله، كان بودي أن أترك هذا السؤال مُعلّقاً بالهواء أو أن أرميه في البحر وأكتب مقالاً عن أهم أربع أغانٍ لهيفاء وهبي، لكنّ مكالمتي مع التعبئة المعنوية نبهتهم إلى فائدة أن يكون للجيش فوائد، وكلفوني أن أكتشفها وأكتبها خدمة للوطن وتجنباً لأن أُرمى في البحر غذاء للسمك، وإثباتاً أن للجيوش العربية فائدة في الحياة البحرية.
إليك إذن أربع أو خمس فوائد للجيوش العربية؛ آمل أن تعرفها في نهاية المقال، أرجوك حاول أن تمثل أنك عرفتها على الأقل..
أولاً: الدعم والمساندة
ما لا تعرفه يا عزيزي القارئ أنّ الكثير من الجيوش العربية تُعدّ سنداً وعوناً لجيوش أخرى حول العالم؛ بدءاً من الجيش العربي السوري الذي استقبل الجيش الروسي والحرس الثوري الإيراني بالكثير من الحب، وبذَل كل ما يملك من طاقة وموارد وشعب وسيادة ليشعرهم أنّهم في بيتهم وأعز، ثمّ الجيشين الليبي واليمني، اللذين احتضنا الجيشين السعودي والإماراتي، اللذين دعما بدورهما عدداً هائلاً من المرتزقة التائهين في بقاع الأرض وجعلوا لوجودهم هدفاً ومعنى، وهي فائدة تتقاطع مع فائدة الجيش العراقي الذي نظّم عمل الميليشيات ومنح أعضاءها مسميات وظيفية.
ثانياً: كسر الجمود
منذ نشأته، أخذ الجيش السوداني على عاتقه مهمة تعويض السودانيين عن الحرمان من التدخّل في الحياة السياسية، الأمر الذي أضجرهم وزاد من حالة الخمول التي يخلقها جو البلاد الحار. لقد عمل الجيش جنباً إلى جنب مع الفيضانات والمجاعات على كسر حالة الجمود في البلاد، وبدأ في إجراء انقلابات دورية مثيرة كل بضعة أعوام يخطف من خلالها أنفاس السودانيين ويُشعرهم بالتغيير، ناهيك عن خطفهم حرفياً وزجّهم في المعتقلات أو خطف أرواحهم في الساحات العامة، ليُنافس بذلك نظيره المصري، الذي يخطف أنفاس المصريين على مدار الساعة.
ثالثاً: الرياضة
لو توقفت يا عزيزي عن الاعتقاد بأنّك مركز الكون، وأنّ أي فائدة للجيوش العربية عليها أن تعود بالنفع عليك فقط، لتُفكّر خارج حدود نفسك والضرائب التي تدفعها، لكنت لاحظت المنافع التي يعود بها الجيش على أعضاء الجيش، الذين يمارسون شتى أنواع الرياضات عند بداية تدريباتهم العسكرية ليحظوا بجسم رشيق وأنيق ومشدود وقوي يُعينهم في ألعاب المطاردة والمصارعة والدعس على الرؤوس التي يلعبونها مع المواطنين في الساحات العامة، ويمنحهم سنوات من الرشاقة قبل أن تتهدل كروشهم عند ترقيتهم.
رابعاً: الحدّ من البطالة لدى الملوك
تنتشر البطالة والبطالة المُقنعة بكثرة في الملكيات العربية، حيث يُمضي الملك / الأمير جُلّ وقته في حضور الاجتماعات وإعلان العفو العام والخاص وتوقيع المراسيم التي تًحوّل الإملاءات الخارجية إلى إملاءات داخلية، ما دفع الدول الملكية إلى إضافة وظيفة جديدة للملك بجعله القائد الأعلى للقوات المُسلّحة، ليملأ وقت فراغه في حضور التدريبات العسكرية ورفع الروح المعنوية للجنود بتحويل الإملاءات الخارجية إلى خطب حماسية يلقيها على جنده، ناهيك عن منحه امتياز التنويع في ملابسه، بارتداء البزّة العسكرية من وقت لآخر لتمنحه هيبة ومظهراً وطنياً يكسر جمود البدلة الرسمية وربطة العنق.
أخيراً: إن كنت غبياً وجاهلاً وخائناً وعميلاً إلى هذا الحدّ ولم تُدرك حتى الآن فوائد الجيوش العربية، فتذكّر يا عزيزي القارئ أنّ ما لا يُفيد لا يضر، وإن كان لا يُفيد ولكنّه يُضر، فعليك أن تُعرّف الضرر أولاً، لأنّ الضرر مفهوم نسبي؛ فما يُضرك يُفيد غيرك، والعكس صحيح، ما يعني أنّ الفائدة موجودة دائماً في مكان ما.