البرهان يعين نفسه عمر البشير
عثمان الفريد - مراسل الحدود لشؤون هو صحيح الهوى قلّاب
٢٦ أكتوبر، ٢٠٢١
عيّن عبد الفتاح البرهان نفسه عُمر البشير على البلاد، استكمالاً لمسيرة الرئيس المخلوع الذي عيّن نفسه جعفر النميري عام ١٩٨٩، والذي بدوره عين نفسه الفريق عبود عام ١٩٦٩، وذلك ضمن مسلسل تبادل الأدوار الذي يلعبه الجيش السوداني منذ استقلال البلاد عام ١٩٥٦ حين تخلّص رجالاته الوطنيون من الاستعمار البريطاني ووضعوا حداً للأطماع الخارجية ليتفرّغوا بالكامل للأطماع الداخلية الانقلابية.
ويُعدّ "عمر البشير" من أكثر المناصب المرموقة في السودان، وقد تنافس عليه عدد كبير من قادة الجيش بشراسة، قبل أن يستحقه البرهان عن جدارة بعد اجتيازه جميع مراحل الانقلاب الجيد بنجاح؛ إذ نفذّ برنامج اعتقالات مُحترماً واختطف رئيس الوزراء وكل من وقعت يديه عليه من وزراء ومسؤولين ومدنيين، ولم يتوقف هنا فحسب، بل اختطف ثورة ٢٠١٩ أيضاً، الأمر الذي زاد من رصيد نقاطه وحظوظه بالاستمرار لأكثر من العشرين عاماً الهزيلة التي بقي فيها عمر البشير الأول في منصبه.
ورغم نجاحه في إثبات نفسه كعمر بشيرٍ ممتاز عبر إجبار الولايات المُتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والأمم المُتحدّة على الوقوف على قدم واحدة والتنهّد والإعراب عن قلقلهم، إلّا أن مراقبين يشككون في قدرة البرهان على العمل في منصب عمر البشير، لعدم حصوله على شهادة إدانة من المحكمة الجنائية الدولية، بعد.
لكنّ البرهان قال إنّه يستحق وظيفة عمر البشير أكثر من أي مُدعٍ آخر، حتى أنّه عُمر البشير أفضل من عُمر البشير النسخة الأولى، مؤكداً أنّه لطالما كان عمر البشير دون أن يتقلّد المنصب رسمياً؛ فسيرته الذاتية حافلة بالإنجازات التي تبدأ بجرائم دارفور ولا تنتهي بمجزرة القيادة العامة، وها هو اليوم يبطش بالمتظاهرين المدنيين ويقطع الإنترنت عن البلاد شأنه شأن أكبر عمر البشير حصل وسيحصل.
وبينما كنا نتتبع أول أيام البرهان كعُمر البشير لاحظنا مروره إلى متجر ملابس تقليدية وشراءه جلابية سودانية بيضاء مع عمامة تليق بها، وثم تجوّل لإيجاد عصا أجود وأمتن من عصا عُمر البشير، لا بل عصاتيْن بواقع واحدةٍ لكل يد، ولكنه لم يدخل متجر الأحذية لأنه جرّب حذاء عُمر البشير ووجد أنّ مقاسه يتسع لقدميه تماماً وكأنه فُصلَ لأجلهما.
يُذكر أنّ العرف السوداني يقضي بمرور إجازة مدنية تتخلل الحكم العسكري الدائم للبلاد؛ حيث يُمنح السودانيون بعض الراحة بعد قيامهم بثورة شعبية، إلّا أنّ البرهان كسر التقليد هذا وجدد في المسيرة وقرّر اختصار الوقت والاستيلاء على الحكم قبل أن يُسلّم المجلس الانتقالي للمدنيين، لاعتقاده بأنّ الإجازات المدنية باتت تُفسد الشعب السوداني وتأكل من فترة الحكم الانقلابي المقبل.