لايف ستايل، تحقيقات الحدود

لماذا يلحّ الموظفون على استلام الراتب رغم أنه صرف لهم منذ شهر ونصف؟

بقلم ملك ملوك الحدود أبو صطيف علي بكر أحمد اللوز

Loading...
صورة  لماذا يلحّ الموظفون على استلام الراتب رغم أنه صرف لهم منذ شهر ونصف؟

ماذا تفعل بقراءة هذا المقال عوض التركيز في عملك؟ نعم، أنت، أهلاً، أنا أتحدث إليك. نقرت على هذا العنوان، صحيح؟ نقرت عليه لأنك شعرت بارتباط ما معه، وكأنه يتكلم معك، أقصد عنك، وعن مشاعرك تجاه بيئة عملك، أنتَ هذا الشخص اللحوح الذي ينق على مديره ويطالب بمرتبه، وأعتقد أنك تطالب ببدل عمل إضافي أيضاً وإجازات مرضية، وها أنا مضطر لأترك لعبة الغولف والساونا وأطرد موظفين لأكتب لك هذا المقال. لا لم تحزر، هذا فخ، لن أجيبك عن السؤال بل سأقول لك لماذا عليك الكف عن السؤال عن الراتب الذي صرف لك قبل ٤٥ يوماً يا شاطر.

يا مادي، هل تعمل لأجل المال فقط؟ لا يوجد تفسير آخر… كيف تواجه نفسك بهذه المعلومة بعد كل اجتماعات العائلة الواحدة والأخوة وأطيب التمنيات في الإيميلات. 

ما هو الراتب هذا الذي تصر عليه أصلاً؟ عمل الإنسان الصالح عبادة، وهذا ينطبق عليك حتى لو أنّ اسمك ليس صالح أو كنت ملحداً لا تؤمن بالعبادة، فما أنتَ إلّا عبد على هذه الأرض ـ لا تفهمني بطريقة خاطئة فأنا أقصد هذا بالمعنى الحرفي للكلمة. تريد أن تعمل وتتعبد على حساب وقت الشركة، وفوق كل ذلك، أن تقبض الأموال لقاء سماحنا لك بإيجاد معنى لحياتك. يا مادي، هل تعمل لأجل المال فقط؟ لا يوجد تفسير آخر… كيف تواجه نفسك بهذه المعلومة بعد كل اجتماعات العائلة الواحدة والأخوة وأطيب التمنيات في الإيميلات. 

ما الذي تحتاجه من الراتب؟ مياه؟ قهوة؟ أمنّا لك ذلك في المكتب. إنترنت وكهرباء؟ موجود. اشبع بتصفّح تيمز وسكايب وزووم وأوتلوك كما يحلو لك. إيجار منزل؟ ألم تتشكِ لسميرة في قسم الموارد البشرية الأسبوع الماضي بأنك مضغوط في العمل ولا تستطيع العودة إلى المنزل لبقائك في المكتب لأنصاف الليل؟ حاشاك، ولكنني أشعر أنك كذاب؛ وضعت نفسك في معضلة منطقية، فلو أنّك لا تستطيع الذهاب إلى المنزل لماذا تبقي عليه وتستأجره؟ وإن كنت تريد البيت المستأجر فمن الواضح أنك لا تنهي عملك الذي تقول أنك تستحق راتباً عليه.

أنت منزعج لأن الراتب لا يُصرف كل شهر، مع أننا منحناك الأموال في الشهر الماضي وها أنت تريد أموالاً عن هذا الشهر. أوف. لماذا؟ هل تداوم يومياً؟ في أسبوعك يومي عطلة، نتركك خلالهما تسترخي في المنزل وتسلّم عملك من هناك، وتتوقع أنّ يبقى عداد الراتب يعمل وأنت في إجازتك الأسبوعية. أين المنطق؟ ألّا تحب الإجازة الأسبوعية؟ راتبك أيضاً يريد إجازة شهرية يعطل ويتعطل ويحب أن يستجم مثلك تماماً، فلا تستكثر عليه ذلك مثلما أستكثر عليك أنا ذلك، فأنت لست أنا بالطبع.

شعورك تجاه المقال؟

هل أعجبك هذا المقال؟

لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.
لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.
نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.