تغطية إخبارية، خبر

مصر: مخاوف أن يتسبب تنظيم العشوائيات بإزالة أجزاء من النظام

فاتح الشبرشاوي - مراسل عشوائي للشؤون العشوائية

Loading...
صورة مصر: مخاوف أن يتسبب تنظيم العشوائيات بإزالة أجزاء من النظام

تكمن القوة الأساسية للنظام المصري بتبنيه العشوائية منهجاً للدولة، فتراه ينتقل بخطى عشوائية ثابتة من الاشتراكية للرأسمالية، ومن التأميم لبيع الجزر للتمسك بالنيل، ومن حملات الاعتقال لعمليات الإفراج، ومن هدم الأماكن التراثية لبناء المتاحف وتسيير موكب للمومياوات؛ فضلاً عن عشوائيته في صيانة الأبنية والتماثيل بضربات دهان عشوائية، أو في القرارات المتخبطة لوزارة الصحة المتعلقة بكورونا. ويمكن القول إن المواطن المصري لا يعرف ما ينتظره من قرارات بعد ربع ساعة، وأن الأناركي المصري يقف حائراً أمام نظام أكثر أناركية منه. 

في ظل هذا الوضع نشأت العشوائيات وتكاثرت وامتدت وتشابكت مع عشوائية الحكومات المصرية المتعاقبة، لذا، تثير حملات إزالتها وتنظيمها تحفظات مسؤولين ومتنفذين وضباط ورجال أعمال ومستثمرين وتجار يرون في التريث ضرورة، لئلا يُفاجأ النظام بتزعزع أو انهيار أعمدته وأسسه المتينة التي تعيش وتقتات على هذه المناطق مع انهيار بيوت الصفيح.

اللواء ئ.ة. من المخابرات العامة أبدى تقديره لرغبة القيادة السياسية بنقل سكان العشوائيات لمدن جديدة تستطيع التحكم بها ومحاصرتها متى تشاء "ولكن، ماذا عن الاستثمار طيلة سنوات في هذه المناطق بخنقها والتضييق عليها وتحويلها لمناطق موبوءة مهمشة غارقة في الجريمة، ثم إنتاج مسلسلات درامية نعرض فيها على المواطن مشاهد لأخيه المواطن البعبع القاطن في العشوائيات ونخيفه منه؟"

وتابع "إذا كانت القيادة ترى في منظر العشوائيات تلوثاً بصرياً، يمكن نقلها إلى الصحراء أو إصدار قرار يمنع المواطنين من النظر إليها، أو سحب الجنسية من سكانها وإحاطتهم بستارة كبيرة ومنع تداول أي أخبار تخصهم فتحل المشكلة دون أن تتأذى مصالحنا".

"ماذا عن الاستثمار طيلة سنوات في هذه المناطق بخنقها والتضييق عليها وتحويلها لمناطق موبوءة مهمشة غارقة في الجريمة، ثم إنتاج مسلسلات درامية نعرض فيها على المواطن مشاهد لأخيه المواطن البعبع القاطن في العشوائيات ونخيفه منه؟"

رجل الأعمال وجدي لطف الله تمنى لو تصغي القيادة السياسية لمقترحه بالاستثمار في تطوير العشوائيات واستبدال الصفائح بحواجز بلاستيكية شفافة وأقفاص حديدية وتحويلها لحدائق ومعارض، وفرض التذاكر لدخولها "وبذلك تصبح معلماً سياحياً يزوره الأمريكيون والأوروبيون ليعيشوا تجربة أصيلة من واقعنا ويشعروا بكل ما يحتاجونه من تفوق".

من جهته، طمأن رئيس صندوق تطوير العشوائيات المتحفظين والمتخوفين بأنها مستمرة للأبد "تتضمن خططنا تشتيت شمل سكانها ونقلهم لمدن أخرى، وحرمان بعضهم من البيوت التي سنقيمها لحثهم على إنشاء مناطق عشوائية جديدة، دون أن نغفل حرمانهم من الخدمات ليعيشوا في أماكن تقارب العشوائيات بفظاعتها". 

أما بخصوص المناطق التي ستحولها الحكومة إلى مدن محترمة بمتنزهات وأماكن ترفيهية كما فعلت في جزيرة الوراق، فيؤكد رئيس الصندوق عدم عودة سكانها السابقين إليها أبدا "فهي مخصصة للأغنياء المحترمين أبناء المحترمين حمايةً للطبقية من خطر التعرض العشوائي للمواطنين العشوائيين".

شعورك تجاه المقال؟