النووي العراقي، الثورة الإيرانية، احتلال أفغانستان ومواقف أخرى تبشر بنزاهة التحقيق الأميركي في أصل كورونا
مايكل دبل يو ماساشوستس - مراسل الحدود لشؤون نزاهة العم سام
٠٤ يونيو، ٢٠٢١
كلّفت الولايات المتحدة نفسها بالتحقيق بأصل وفصل ومنشأ فيروس كورونا، هذا التبرّع السخي ليس غريباً عنها؛ فلطالما تطوّعت بحلّ مشاكل العالم وأزماته ووضع فرضيات لمسبباتها وإثبات هذه الفرضيات واقتراح حلول مناسبة وتطبيقها من تلقاء نفسها، كما حدث في فيتنام وكوبا والعراق وأفغانستان، وغيرها من الإنجازات الرهيبة، بكل ما للكملة من معنى، والتي يشهد لها القاصي والداني.
هذا التاريخ الحافل لكرم أخلاق أميركا وحس المبادرة عندها ونزاهة مؤسساتها، يبشر بأن تحديد منشأ فيروس كورونا مسألة وقت لا أكثر وستكون النتيجة متاحة للجميع بمنتهى الشفافية ومطابقة تماماً لتوقعاتها بأن مختبراً في ووهان فقد السيطرة على إحدى التجارب، أو أن الصين شنّت حرباً بيولوجية على العالم، وأنّه بجميع الأحوال لا بد من معاقبة الصين وحصارها ومقاطعتها ومعاقبة من يتعامل معها وتكسير رأسه إذا لزم الأمر، بكل الوسائل الديمقراطية الممكنة.
يعتبر مختبر الشرق الأوسط أحد أبرز الأدلة التي تفنّد نظريات المؤامرات التي تتهم أميركا بكل خراب، ولكنه ليس الإنجاز الوحيد لها؛ فنزاهتها تمتد من آسيا الوسطى إلى الكاريبي وأميركا الجنوبية:
كوبا
سرق فيديل كاسترو بثورته المزعومة كوبا من الحكومة الأميركية وحوّلها من مصيف لأثريائها ومصدراً اأفخم أنواع السيجار وشراب الرم إلى مجرد دولة مستقلة خارجة عن إرادة الشعب الأميركي العظيم ولا تهتم بتحقيق حلمه. شكّلت المخابرات الأميركية منذ الستينيات خلية أزمة فوراً للتحقيق بالانقلاب وأسبابه وتداعياته وسبل إنقاذ الشعب الكوبي، فحاولت اغتياله باستخدام السيجار المسموم، ثم خططت لانقلاب مضاد وأرسلت ١٤٠٠ مقاتل من معارضي كاسترو لإزاحته من الحكم، ثم تراجعت عن دعمهم جوياً وتركتهم لمصيرهم، ليتعلموا القيام بثورتهم بأنفسهم دون الاعتماد على أحد. ونجح حصارها على كوبا أخيراً بالإطاحة بكاسترو بعد وفاته لأسباب طبيعية ليرثه شقيقه ورفيق دربه راؤول كاسترو ويستمر على نفس النهج.
الثورة الإيرانية
في الخمسينيات من القرن الماضي، انتخب الإيرانيون محمد مصدّق رئيساً للوزراء. قررت السي آي إيه أن هذه الانتخابات لا يمكن أن تعبّر عن إرادة ورغبة الشعب الأميركي ومصالحه، فتحركت للإطاحة به ومساعدة الشاه المنفي للعودة إلى الحكم وبناء علاقات ودية بين البلدين، إلى أن جاءت الثورة الإسلامية وأطاحت بالشاه والسفارة الأميركية في طهران ودمّرت أم التعاون والودّ. منذ قيام الثورة وحتى يومنا، تجتهد المخابرات الأمريكية في ابتكار أساليب ومحاولات للإطاحة بالنظام الإسلامي، وعدم وجود أي تغيير حتى الآن لا يعني فشلها أبداً، بل تعبيراً عن صبرها الطويل على أعدائها، ونزاهة قراراتها التي تراعي حقوق الإنسان وحريته بالاقتناع برأيها بالقوة الناعمة أو العسكرية.
١١ - سبتمبر
لم تكن هذه الهجمات الإرهابية لتحدث لو اقتنع العالم قبل سنوات منها بوجهة نظر أميركا بأن صدام حسين لديه أسلحة دمار شامل وعلاقات وطيدة مع تنظيم القاعدة، لكنّ قصر نظر العالم وحاجاته الدائمة لأدلة تعزز الفرضيات، حتى لو كانت أدلة وهمية، ساهمت بهذه الكارثة، وعلى إثرها أثبتت المخابرات الأمريكية للعالم أجمع بأنّه ورغم صعوبة حصول صدام على الكونياك بسبب العقوبات، إلا أنه نجح بالفعل من بناء مفاعل نووي، وقدّمت لهم على مرأى الجميع مجموعة من المواسير كدليل قاطع على استخدامه لها في تخصيب اليورانيوم وصنع صواريخ دمار شامل وعلاقته بتنظيم القاعدة وتدمير الأبراج، وبناء على ذلك وافقت أميركا بالإجماع على غزو أفغانستان والعراق بطريقها، ونجحت في طرد القاعدة من كابول وانتقالها للعراق ثم تحولها لداعش واندلاع حرب طائفية، نتج عنها تعزيز الدور الإيراني في العراق وأصبح ورقة تتفاوض بها إيران لرفع العقوبات عليها.