شاب يتعمّد إضاعة هويته الشخصية ليتمكن من إصدار هوية بصورة أقل إثارة للحرج
حسيبة الحمالالي - مراسلة الحدود لشؤون الفتوجينيك
٢٧ يناير، ٢٠٢١

فور خروجه من دائرة الأحوال المدنية، توجه الشابُ سامر حويرنة إلى حاوية نفايات وألقى هويته الشخصية الجديدة فيها، قبل أن يعود أدراجه لتعبئة نموذج إصدار هوية جديدة بدل المفقودة، أملاً بأن يحالفه الحظ هذه المرة ويحصل على هوية بصورة شخصية أقل إثارة للحرج من صورته في الهوية الملقاة بالقمامة.
وكان سامر قد قص شعره واستحم وحلق لحيته ورطّب شفتيه ورشّ العطر وارتدى أجمل قميص، دون أن ينسى أخذ فرشاة الشعر لينسقه مجدداً قبيل التقاط الصورة، خشية أن تظهر صورته في الهوية الجديدة كتلك التي ظهر فيها ذاهلاً مرهقاً بشعر أشعث في الهوية التي استصدرها قبل عشر سنوات، آنذاك، رفض الموظف استلام صورته الشخصية اللائقة لأن وزارة الداخلية اكتشفت موهبة موظفيها بالتصوير الفوري. والآن، حين جاء الوقت ليأخذ الصورة الجديدة، وقبل أن ينهي موضعة ملامح وجهه لتظهر كما تدرب عليه أمام المرآة بنظرة ذكية وابتسامة رقيقة تظهر حقيقته بأجزاء من الثانية، فوجئ بالموظف يمدّ له الهوية الجديدة.
يأمل سامر أن تظهر صورته في الهوية الجديدة أفضل من سابقتها، إلا أن للحكومة رأي مختلف “صورة الهوية لا علاقة لها بالشخص أو بالشكل واللباس “يقول بهاء شعناب الموظف المسؤول عن التقاط الصورة، ويضيف “تعمل وزارة الداخلية على ترسيخ مفاهيم العدالة والمساواة في اللاوعي الجمعي، والرد على تعليقات من يتهمونها بالمحاباة والواسطة، وذلك بسياسة الكل أمام كاميرات الأحوال المدنية سواسية. صورة الهوية الشخصية لها تبعات مجتمعية وأمنية أكبر من سامر ومشاعره، ومن مصلحته ومصلحة بقية المواطنين العاديين تقليص توقعاتهم عن أنفسهم، وعدم إعطائها قيمة واحتراماً أكثر مما تستحق، فيصدقون أن لهم الحق بمطالبة الحكومة بشيء من الاحترام الذي لن يحصلوا عليه”.
وأوضح بهاء أن تحقيق الحكومة لأهدافها من إصدار هويات شخصية بصور محرجة للمواطنين، لا يتنافى مع وجود مآرب أخرى لها “في كل مرة تصدف أن يشاهد فيها ذوو سامر أو أصدقائه أو حبيبته أو موظف البنك هويته، ترتسم الابتسامة على وجوههم، وقد تنطلق ضحكة في إحدى المرات، وبإمكانه أن يبادلهم الابتسام والضحك على هوياتهم الشخصية أيضاً، نعم، نريد مجتمعاً فرحاً دائم الابتسام، ونريد أيضاً أن يشارك بالضحك شرطة السير وموظفونا في سائر الدوائر الحكومية تعزيزاً لرؤيتنا ببيئة عملٍ حكومي مرحة وخدمة الجمهور بابتسامة”.
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.