السلطات الكويتية تصادر بضاعة شاب من البدون انتحل صفة عامل وافد لديه كفيل يستعبده
١٧ يناير، ٢٠٢١
أعلنت السلطات الكويتية عن نجاحها في مصادرة بضاعة شاب من البدون* عرّض المجتمع الكويتي لمخاطر التواصل المباشر مع أمثاله وما ينجم عنه من تشوّهات على الأجيال القادمة، من خلال انتحاله صفة عامل وافد يمتلك جواز سفر وعقد زواج وشهادة جامعية مُصدّقة يستطيع تسليمها لكفيل كويتي إلى جانب مبلغ محترم، ليأذن له بكسب عيشه بعد أن يغسل له سياراته الخمس يومياً في الصباح الباكر.
وقال مدير لجنة مصادرة البدون في وزارة الداخلية الكويتية الشيخ مساعد الهظطار إنّ الجهات المختصة حولت إليه القضية بعد اكتشاف الخديعة “خلال مداهمة دورية لأرزاق العمّال الوافدين، صادرت البلدية بضائع الجميع بالتساوي دون تمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين، وعندما بدأت الاتصالات تأتيها من كفلاء البائعين للإفراج عن بضاعتهم، لاحظوا أنّ أحداً لم يتصل بشأن هذا الشاب، وعند التحقيق معه اكتشفوا خديعته وأنّه مجرّد بدون لا يحمل جنسية ولا إقامة وليس لديه كفيل، وفوق ذلك يريد استرداد بضاعته، بنية بيعها للشعب الكويتي والتكسّب منها”.
ولفت الهظطار إلى أنّ ما فعله الشاب يدق ناقوس الخطر في المجتمع الكويتي “أن تنتحل شخصية كائن نصف بشري مثل الوافدين مصيبة، ولكن أن تتمادى وتظهر في مقاطع فيديو تهدد فيها بالانتحار وتطالب بكل وقاحة باسترداد بضاعة اعترفت بلسانك أنك استدنت ثمنها لتبيعها، فتلك مصيبة أكبرُ؛ لأن هذا يعني أنك وأمثالك تحصلون على تعاطف ودعم من بعض الكويتيين، وتغسلون أدمغة شبابنا وتحتالون عليهم لسلبهم أموالهم، ولا أستبعد أن يخرج علينا غداً ناشطون يطالبون بمساواتكم مع الوافدين واستخراج تصاريح عمل لكم”.
وشدّد مساعد على ضرورة إبلاغ السلطات فوراً عن أي حالة مشابهة “خصصنا رقم طوارئ للإبلاغ عن أي شخص من البدون يحاول العمل أو طلب المساعدة، علماً بأنه من الصعب تمييزهم عن الكويتيين لمجرّد الشكل؛ فهم للأسف موجودون هنا قبل تأسيس الدولة واكتسبوا ملامحنا مع الزمن وتحدثوا بلهجتنا، كما يصعب تمييزهم عن الوافدين لكونهم يقطنون الأحياء الفقيرة ويعيشون مع سكانها ولا يمتلكون سيارات حديثة ويرتدون ملابس بالية. لكن، إذا ما جمعنا شكل الكويتي مع ظروف الوافد يمكننا بسهولة اكتشاف أنها صفات لا يمكن أن توجد بالمواطن الكويتي الذي نقدره ونحترمه وننتج النفط لأجله”
وأكّد مساعد أن الوزارة ضاقت ذرعاً بتصرفات البدون “صبرنا عليهم كثيراً، وأعطيناهم العديد من الفرص لعلّهم يكبرون ويعقلون، ويتوقفون عن التكاثر تمهيداً لانقراضهم؛ فمنعناهم من العمل والسفر والشراء والبيع والانتخاب، ومع ذلك ما زالوا يصرون على العيش بيننا، رغم عدم وجود سبب مقنع لحياتهم، سوى قلة ذوقهم وانعدام إحساسهم بأنّهم غير مرغوب فيهم، أو أنها قصة تحدٍّ ومناكفة للسلطات، وهذه وحدها كفيلة باتهامهم بتقويض نظام الحكم، ولكننا حتى الآن لم نعتقلهم لطيبة قلب سموّ الأمير الذي نستلهم سياساتنا الرحيمة منه”.
*البدون: إنسان -هذا رأينا وليس رأي السلطات- يعيش في عدة دول عربية قبل أن تصبح دولاً لها زعماء وخرائط وتلفزيونات رسمية وسلاح جوّ وبراميل نفط -أو براميل من المساعدات- بحسب الحالة الاقتصادية. تعتبره السلطات قطعة أثرية غير ذات أهمية، تشير إلى تاريخ الدولة ووجود حضارة فيها، ولكن ليس من المجدي الاستثمار فيها إذا كان بالإمكان اقتلاعها ومد عبّارة صرف صحفي أو حفر بئر نفط أو بناء مدينة حديثة فوقها.
تطلق السلطات تسمية “بدون” على هذه الفئة كونها ترى رعاياها أرقاماً، وبما أن البدون لا يحلمون أرقاماً وطنية، كون جدّ جدّ جدّ جدّهم لم يترك ماشيته ورزقه في الصحراء ويركب دابّة للمدينة المستحدثة ويُسجّل اسمه ضمن قائمة المواطنين الشرفاء المبايعين للقائد المؤسس، وبالتالي لم يكونوا يوماً مواطنين، ولم يصبحوا وافدين لأنّهم لم يفدوا من أي مكان، وليسوا لاجئين ولا نازحين؛ فهم بدون تعريف أساساً.