تغطية إخبارية، خبر

أوروبا تعيد اللاجئين لأحضان أنظمتهم الدافئة خشية عليهم من أجوائها الباردة

Loading...
صورة أوروبا تعيد اللاجئين لأحضان أنظمتهم الدافئة خشية عليهم من أجوائها الباردة

شمّرت أوروبا العظيمة، أوروبا الإنسانية والحنان والعطاء والحكمة، شمّرت عن ذراعيها وشرعتْ بتوضيبِ مجموعةٍ من اللاجئين غير اللائقين لبيئتها، استعداداً لإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، خشيةً عليهم من أجوائها الباردة لعدم قدرتها ولعدم رغبتها أن تبذل الجهد اللازم لتدفئتهم.

وكانت أوروبا قد سعت جاهدة في فترات سابقة أن تحمي اللاجئين من برد الغربة ووحشتها، فصمّمت ظروف معيشتهم لتحاكي ما عاشوه في بلادهم قبيل مغادرتها، مثل الإقامة في الخيم وفي العراء والوقوف في طوابير طويلة لنيل المعونات الغذائية والتعامل مع موظفين حكوميين يكرهونهم ويكرهون عملهم، إلا أنها فوجئت بالمنظمات الحقوقية والصحافة والرأي العام يتنكّرون لجميلها، بل يدينونها ويعيبون عليها فعلها ويلجؤون للقضاء لمحاسبتها، وكأن كل الانتهاكات التي اقترفتها إزاء حقوق الإنسان كانت لمتعتها الشخصية.

وبحسب الخبير والمحلل السياسي الفرنسي، فريرو جاكو، فإن بلاده باتتْ عاجزة عن التصرف مع الأغراب “منذ بضعة أيام، بادرت شرطتنا إلى ضرب رجل أسود، فقامت الدنيا ولم تقعد، واتُّهمت أجهزة الأمن بالعنف والعنصرية، دون أن يعرف المتفلسفون بأن الرجل كان يدخّن خارج مقر عمله وكاد أن يُصاب بنزلة برد أو يلتقط فيروس كورونا لولا خوف عناصر الأمن عليه وإرغامه على العودة إلى مكتبه، فبعض المواقف تحتاج معالجة فورية لا تحتمل وقوف الشرطة للدردشة وطلب الهوية وتفقد ما إذا كان الرجل لاجئاً يستحق التدفئة أم لا”.

وتحسّر فريرو على أوروبا التي باتت باردة لا روح فيها، بعد أن قضت سنواتٍ في تعديل قوانينها وأنظمتها، وحاربت اليمين المتطرف وأضعفته، مع أنه كان ليتفوق على النازيين في تطوير وسائل العناية بـ “الآخر” والاحتفاء به وتدفئته. 

في سياق متصل، أكّد دبلوماسيون ألمان أن بلادهم انتظرت طويلا وتحمّلت الجائحة التي جمّدت حركة ترحيل اللاجئين، ولكن موسم الشتاء – إضافة لكونه أحد أشد الفصول بردا في ألمانيا – لم ولن يساعد بالحد من انتشار الفيروس؛ لذا، من الواجب أخذ زمام المبادرة وترحيلهم قبل الإصابة به، لكنها لن تحذو حذو اليونان وإيطاليا وترميهم في تركيا وليبيا ليعاملوا بعنصرية، بل ستعيدهم معززين مكرّمين لبلدانهم الأصلية، حيث لا تميّز الأنظمة الحاكمة فيها بين الناس، ولا تتردّد ولو للحظة عن حشرهم جميعا في زنازين جماعية معزولة عن العالم، ليحصلوا على الدفء من تلاصق أجسادهم، ويأمنوا شرّ كورونا لأنها لن تصل إليهم إلا بإذن رسمي من أعلى المستويات. 

شعورك تجاه المقال؟