لايف ستايل، تقرير

حصرياً للحدود: ثلاث حكم جديدة قالها لقمان الحكيم لابنه قبل يومين فقط

Loading...
صورة حصرياً للحدود: ثلاث حكم جديدة قالها لقمان الحكيم لابنه قبل يومين فقط

أثبت المؤرخون على فيسبوك ومجموعات واتساب أنَّ لقمان الحكيم كان رجلاً سابقاً لزمانه وعصره؛ فنشرهم لحكمه ومواعظه إلى يومنا هذا يعني أنَّه هيأها للمستقبل، فجعلها قصيرة ومستساغة وتحتوي على مزيج من الأمل والتحفيز والبساطة والشمولية ليسمح بتطبيقها أو على الأقل فهمها بشكل سطحي من العامة بغض النظر عن مستوى غباء وتفاهة المجتمع في أي حقبة من التاريخ، وركَّز على تفريغها من أي عمق أو معنى أو فائدةٍ حقيقية لتتناسب مع عصر وسائل التواصل الاجتماعي.

ومما ساهم في انتشار حكم لقمان، أنها شكلت بديلاً جيِّداً وصحياً لرسائل صباح الخير وجمعة مباركة وكسرت جمودها وتكرارها وشح الإبداع فيها، كما أنها استطاعت الانتشار على فيسبوك وجروبات واتساب بنفس السرعة، ولا يتطلب تصميمها أي مهارة أو ذوق إضافي؛ فقط ضع حكمة مثل “اعتزل عدوك، واحذر صديقك، ولا تتعرض لما لا يعنيك” بخطّ عربي جذاب أمام خلفية صورة ملهمة لغروب الشمس أو جبال الهيمالايا، أو – إن كنت جريئاً بما يكفي – لامرأة تمارس اليوغا على شط البحر دون التعرض للتحرش، كي تحقق انتشاراً أفضل.

ولا ينقص لقمان أي شيء حتى يصبح نجماً ساطعاً من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي ممن يطلقون أحكاماً تناسب عصر الإنترنت، يحسّ بعدها القارئ أنه شخص أفضل لمجرد قرائتها، بل ويمكن القول إنَّ بمقدوره تحقيق شهرةٍ أكبر من جلال الدين الرومي وجبران خليل وجبران وتايلور سويفت وعائض القرني. ويمكن الاستفادة منها لحل مشاكل العمل والخلافات العائلية وطمأنتك بأن حبيبتك ستعود إليك مهما طال الزمن، وكيفية شرب القهوة وطبخ الباستا بولونيز. 

ورغم أن لقمان هو الإنفلوينسر الأصلي النموذجي، إلا أنه واجه معضلة حدَّت من انتشاره تتلخص في ابنه، الذي يبدو أنه استهلك قدرات الفيلسوف الفذ المستمر طيلة حياته في وعظه ومحاولات إصلاحه، ولم يترك للقمان فرصةً للتركيز على باقي البشر، خصوصاً الأجانب المنشغلون بترجمة أقوال حكماء آخرين من حول العالم، ليترجمها العرب مرة أخرى إلى العربية؛ لأن الأجانب أعجبوا بها وبالتالي فهي بالتأكيد جميلة ومحقة.  لذلك، وحفاظاً على إرث لقمان في زمن كثرت فيه المهاترات والمزايدات والفيروسات والحروب والأخبار الكاذبة والأقوال التي يؤلفها آدمن صفحة الہحہب قاتہل ثمَّ ينسبها لشخصيات تاريخية، ننشر اليوم ثلاث حكمٍ جديدة قالها لقمان طبعاً وأرسلها إلى مكتبنا باستخدام الحمام الزاجل لأنَّه مستدام وصديق للبيئة.

يواجه المرء على صفحات الإنترنت العديد من الأفكار والقيم المتناقضة مع تقاليدنا في العالم العربي، مثل النودز أو حرية التعبير أو الكاريكاتيرات أو كارثة إضافة الرمان على سلطة الدجاج. لكن عليك باتخاذ الصبر ملاذاً وإلهاء نفسك في نشاطات مفيدة مثل الرياضة والمطالعة والعادة السرية حتى تتناسى نزعة النفاق الإلكتروني والتكفير والسب والتحريض على العنف.

قد يبدو للوهلة الأولى كمنشور على تويتر يزعم فيه أحدهم أنه رأى كلمة “الله” منحوتة في توست أفوكادو تناوله صباح اليوم دون أن تشوبه شائبة من ناحية الدقة والموضوعية، تماماً مثل منشور أبو جهاد الذي يجزم بامتلاكه أدلة على أن السي آي إيه وقفت وراء فشل ابنه حمودة في امتحانات الثانوية، إلا أن عليك التمهل ولو لدقيقة قبل مشاركة تلك المنشورات التي قد تبدو صحيحة على السطح، ومحاولة التأكد من دقتها خارج نطاق زملائك في الجامعة.
كما يمكن اعتبار هذه الحكمة من النوع الذي يمكن تفسيره بأي طريقةٍ تشاء ويصلح لأي موقف؛ إذ يمكنك نشرها عندما تتركك حبيبتك أو يأكل أخوك الصغير آخر حبة بيتزا في العلبة، أو لتُعلم مديرك أنَّك تأخرت في إتمام مهامك مرَّة أخرى.

قد ينتابك شعور بالفخر والاحتفاء بالنفس بعد ضغط زر اللايك أو الريتويت على صفحة أو منشور عن يوم المرأة العالمي أو حرية التعبير أو التلوث البيئي أو حملة مقاطعة الكنافة بالمانجا، لكن لا تخلط بين ذلك الشعور وحقيقة أنك لم تحرك مؤخرتك من على الكنبة منذ صباح الأمس إلا لاستخدام المرحاض والأكل؛ فالثورات لم تولد من رحم الريتويت.

حكمة إضافية ربما لم يقلها لقمان فعلاً لكن لا أحد يكترث بذلك: الثورات لم تولد من رحم الريتويت

شعورك تجاه المقال؟