خمسة دروس مستفادة يمكنك تعلمها من عدم تعلمك الدروس المستفادة من قبل
فادي شكيب العتمة - رئيس قسم الموارد البشرية في الحدود
٠٦ أكتوبر، ٢٠٢٠
هكذا أنت. لا تتعلم الدرس. تقع في الخطأ ثم تقف لتقع فيه ذاته مجدداً، وليته خطأ واحد، إنها أخطاء، أي أن لديك نسقاً من عدم تعلم الدروس المستفادة من تجارب حياتك، تنكش أنفك وتدميه ثم تنكشه مجدداً. تدخن وتسعل وتعاود التدخين. تحب وتفشل وتحب شخصاً مشابهاً للحبيب السابق. تصوِّت في الانتخابات وتصوت مجدداً في الدورة الانتخابية التالية. تتلقَّى الصفعة على خدك الأيمن فتدير خدك الأيسر.
لذا، وبالنظر لتلّة الدروس التي راكمتها خلف ظهرك، سأحاول تقديم ما يمكن أن تتعلمه من المرات السابقة، رغم أنني لا أتأمل تغيُّر أي شيء هذه المرة؛ لأن شيئاً لم يتغير في المرات السابقة. ما المميز في هذه المحاولة ليتفتَّح مخك وتبدأ بالتعلم؟ خذني أنا على سبيل المثال، لو تعلمت شيئاً من الدروس المستفادة لفهمت أن لا جدوى من تقديم دروس مستفادة، خصوصاً لأولئك الذين لا يتعلمون من الدروس المستفادة. ولكن، بما أنني لم أتعلم هذا الدرس، سأضيع وقتي بالكتابة، لتضيع وقتك بقراءتها، ثم نكمل حياتنا لنمرَّ بتجارب جديدة لا نتعلم منها أي شيء أيضاً.
الدرس الأول: أنك بهيم
عقلك متيبّس وقدرتك على التعلم محدودة. لا داعي للنقاش، إياك أن تظهر شهاداتك في المدرسة أو الجامعة. تخرُّجك من مؤسساتنا التعليمية لا يعني أنك تعلمت حقاً؛ لأن التعليم فيها ليس معنياً بالتعليم حقاً، و … آآآآخ، لم يمضِ على بدئي الكتابة سوى القليل وها أنت تستفزني، إن محاججتك لي بالتعليم دلالة على عدم تعلُّمك أي شيء. حسناً، ماذا عن نظام النجاح التلقائي؟ وماذا عن العلامات التي زادها معلموك على معدلك لتنجح ويرتاحوا منك؟ القضية ليست شخصية معك أنت بالتحديد؛ معظم زملائك نجحوا وتخرَّجوا بذات الطريقة. أعلم أنني أضعك أمام حقيقة قاسية، ولكنها الحقيقة، أعتذر إن قدمتها بهذه القسوة، ولكن لم يكن أمامي وسيلة أخرى إزاء عنادك. رجاء، لا تزعل، أو ازعل براحتك؛ لأنك ستنسى كل ما ذكرته قبل الانتقال للنقطة التالية.
الدرس الثاني: أنك بهيم
ولأنك كما ذكرت نهاية الدرس الأول نسيت كل ما قرأته، ها أنا مضطر لتذكيرك به، مع أنك ستنساه هذه المرة أيضاً.
الدرس الثالث: عليك أن تخاف
لقد توقَّعتَ أن أُخبرك بكونك بهيماً كما فعلت في الدرسين السابقين. حسناً، أوافقك التوقع، أنت ما زلت بهيماً، ولكن ليس هذا ما وودتُ قوله، بل أردت توضيح أن طبيعتك كبهيم تعني أنك متوقعٌ يسهلُ تحديدُ ردود فعلك، وهذا ما يجعلك أكثر عُرضة للأذى، لذا، عليك الخوف من كل شيء والتلفُّت حولك بين الحين والآخر. وكما أخبرتك سابقاً ولكنك نسيت، مشكلتك ليست شخصية؛ فالبشرية كلها تعاني منها، لذلك، دائماً كان الخوف وسيلتها الأفضل للنجاة.
الدرس الرابع: الانصياع التام والرضوخ لكل القوى المُحيطة بك
إزاء ما ذكرت سابقاً، ولضمان سلامتك، عليك أن تصبح إمَّعة. ضع بردعة على ظهرك وعلِّق رسناً وسلِّم الحبل لأولئك الذين تعلَّموا من الدروس المستفادة. اسمع جميع أوامرهم وأطِعها، أياً كانت تلك الأوامر، وبغض النظر عن مصدرها: من والديك خشية أن يضرِباك ويحرماكَ من المصروف. من أخيك الكبير خشية أن يضربك. من أخيك الصغير خشية أن يضربك ويهرب ليشتكيك عند والديك فيضربانك مجدداً. اسمع أوامر أولاد الحارة الأقوياء، وإلا فإنهم سيضربونك. والحبيب خشية أن يضربك ويقطع علاقته معك. ومديرك خشية أن يطردك ويرسل جماعته ليضربوك. وحكومتك خشية أن تسقط عنك الجنسية أو تسجنك وتعذبك. وارضخ لحكومة العدو أيضاً خشية أن تقتلك إن انتصرت على حكومتك. ورجال الدين كذلك، وإلا، فإنهم سيكفرونك ويضربونك ويجزون عنقك لتذهب إلى آخرتك فتُلقى في جهنم ويضربك الملائكة أيضاً.
الدرس الخامس: تنازل لي بكل ما تملك فوراً
أحضر ورقة وسجل كل أملاكك باسمي فوراً، بغض النظر عن حجم هذه الأملاك، حتى لو لم تكن أكثر من علبة سجائر. لا تطل التفكير بالموضوع، لقد شرحت لك منذ قليل أنك بهيم وعليك إطاعة الأوامر، هيا، بسرعة، لا تضطرني لبهدَلتك وضربك.