ما هي المدة المنطقية للتأخّر بالرد على رسالة واتساب قبل أن يُصبح عدم الرد لائقاً أكثر؟
٢٠ سبتمبر، ٢٠٢٠
لا يزال البعض يعتقد أنّه يعيش أيام زمان، حين كان باستطاعته مراكمة رسائل البريد فوق بعضها وتخصيص يوم واحد لقراءتها مرة واحدة وشراء طوابع ومغلفات جميلة للرد عليها، ذلك الزمن الجميل الذي لم يكن يضمر فيه المرء أي ضغائن لمعارفه، ويكتفي بلعن الحكومة وخدمة البريد وساعي البريد حين يتأخر الرد على الرسالة شهراً أو شهرين، لذا، فإن من واجبنا أن نوقظك عزيزي الواهم من أحلام اليقظة لنخبرك أننا بتنا في عام ٢٠٢٠، حيث تصلك الرسالة عبر تطبيقات التواصل فور ورودها ببال مُرسلها، وهو ما يمنحك وقتا مُحدوداً لاختلاق الأعذار في حال لم ترد عليها فوراً، قبل أن يُصبح عدم الرد الخيار الأفضل لمستقبل علاقتك بالمُرسل.
فكيف تُحدّد المدة المنطقية للتأخر بالرد على هذه الرسائل قبل أن تنساها كُلياً وتنسى صاحبها حتى يأتي اليوم الذي تصادفه فيه وتؤكد له أنّ الرسائل لم تصلك نتيجة عطل في هاتفك سببّته قطة الجيران التي سكبت عليه القهوة، وبعد أن كلفك مبلغاً هائلاً لإصلاحه اختفت منه جميع الرسائل والصور والأسماء والذكريات وياااه ما أسوأ حياتك، أيها الكذاب؟
نحن في الحدود طلبنا مطلع العام مساعدة أستاذ التسويف والتثاؤب برهـ – ـا – ـا ـان طنّـ – ـو – ـو ـوع، وبالفعل، ارتكى على الكرسي وتمدد ومد قدميه على الطاولة وربت على كرشه ورفع حاجبيه وبدأ التفكير، وقبل يومين قدم النصيحتين التاليتين، وما زلنا ننتظر النصائح الخمس الأخرى التي وعدنا بها، ونعدكم أن نطلعكم عليها فور استلامها.
العلاقة بالمرسل
يختلف الوقت اللازم للرد على الرسائل بحسب علاقتك بالمرسل؛ فصديقك الذي يعرفك منذ طفولتك ويعلم مقدار تنبلك وبلادتك وتكاسلك عن طباعة الأحرف لن يتوقع مدة زمنية للرد عليه، هو يعرف أنه حين يرسل رسالة إنما يُرسلها للمجهول، لضمير الغائب، وبإمكانك عدم الرد بالمطلق دون الحاجة للادعاء أنك مشغول كما تفعل مع بقية الناس، وإن كان المرسل رب عملك فهو العالم بك وبما تظهره وتخفيه من أدق تفاصيلك، هو من يحدد متى تنام وتستيقظ ومتى تغادر العمل ومتى تذهب إلى السينما أو تسافر أو تجلس مع العائلة أو مع الحبيب، وهو يدرك أن راتبك لا يتيح لك الانشغال حتى بالطعام، ليس لديك معه مجال للف والدوران، لذا عليك الرد عليه بعد إرساله الرسالة بأجزاء من الثانية. أما إن كان المرسل حبيبك أو حبيبتك فعليك الرد قبل إرساله الرسالة أصلاً.
طبيعة الرسالة
تعدّ تطبيقات التواصل مرتعاً لجميع أنواع الرسائل النصية والصوتية والبصرية، وعليك التحلّي بالحكمة لمعرفة الوقت المناسب للرد على كُل منها، فكلما تأخرت بالرد على رسائل الحب كُلما اضطررت لكتابة رسالة أطول تحوي إيموجيز أكثر تأثيراً، تمعن بها في التذلل للحبيب وتبرير كم أنت حيوان ووضيع لعدم ردك طوال هذا الوقت، وقد تضطر لإرسال رسالة صوتية بصوت مبحوح حزين مرتعش ومتوتر توضّح فيها الأسباب، وإن لم تكن تنوي قطع الصلة بالطرف الآخر، يُصبح الرد عبثياً بالفعل بعد يوم ونص من وصول الرسالة، لأنّه سيكون قد حظر رقمك أصلاً وعمم عليك لدى جميع معارفه بما فعلته من خيانة.
الأمر ذاته ينطبق على الرسائل التي تحمل صفة “رسالة” حقاً وتحوي مضموناً حقيقياً يحاول المُرسل “إرساله” إليك، أمّا فيما يتعلّق بالرسائل التي يحاول مرسلها فتح حوار حقيقي معك عبر الوتساب معتقداً أنّه صالون ثقافي؛ فسوف تكون بأمان طالما رددت خلال أسبوع من إرسالها، أو أسبوعين، ومرة بعد مرة سوف يشعر المرسِل أنّه مُجرد شخص هامشي* في حياتك ويتصالح مع الفكرة.
تنويه: قد ينفعل هذا الهامشي ويحاول الاحتفاظ ببعض من كرامته التي أهدرتها برسالة يعاتبك فيها على تأخرك بالرد، انتظر ثلاثة أسابيع واعتذر منه.
وأخيراً هناك رسائل الميمز والنكات، معك يوماً واحداً للرد عليها باستخدام إيموجي الضحك حتى البكاء دون الحاجة لمعرفة محتواها، واعتبر نفسك بمكالمة مع صديقك الثرثار الذي لا يتوقف عن الكلام حين تكتفي بقول آآآآآآ، ممممم، أيوااااا، نعم نعم، أيوه. خلافاً للرسائل التي تتضمن حكماً ونصائح طبية وفيديوهات توعوية وهواجس منتصف الليل، التي عليك الرد عليها فوراً باستخدام إيموجي الإصبع الأوسط ليفهم المرسل أنه قليل حياء ويتوقف عن استعمال هاتفه كمحطة إعادة تدوير لأي قمامة يستلمها ويوزعها على كل معارفه.