جعجع يشعل الشموع في ذكرى صبرا وشاتيلا ترحُّماً على أيَّام العزّ
١٨ سبتمبر، ٢٠٢٠

أشعل الحكيم المناضل الأسير المحرَّر من المعتقلات اللبنانية القائد سمير جعجع* شمعة في ذكرى صبرا وشاتيلا، وجثى على ركبتيه باكياً بحرقة ومزيد من الألم والحسرة على زمن كان قادراً فيه على قتل وسحل وتعذيب خصومه وأبنائهم وزوجاتهم وأطفالهم بالآلاف، بدلاً من الجلوس هكذا مضيئاً الشموع وجاثياً على ركبتيه باكياً بحرقة ومزيد من الألم والحسرة.
وكان مراسل الحدود في معراب كريم برؤوء قد استرق السمع لتضرُّعات الحكيم أثناء صلاته؛ حيث سمعه يناجى ربه قائلاً “يا رب، أعدني لتلك الأيام، حين كنت أقطّع فيها خصومي إرباً، وأتسابق مع زملائي من سيقتل من أبنائهم أكثر. هذه ليست عيشة يا رب، أغدقت علي بلطفك، ولكنك لاحقاً أغرقتني بقلة الحيلة وجعلتني حكيماً دبلوماسياً يرتدي البدلات وربطات العنق عوض الزي العسكري، يحمل حقائب وزارية بدل الرشاش والجعبة، يبتسمُ في وجه شخص بالكاد يمتلك ٥٠٠ مناصر مثل سليمان فرنجية وأرجوه أن يصفح عني بدلاً من خلع رأسه”.
وناح سمير عندما تذكَّر ثقله وقوته قبل ٤٠ عاماً “كان العالم يحسب لي ألف حساب؛ شارون بعظمته هرول للتحالف معي، وتبرَّع بإنارة سماء صبرا وشاتيلا بقنابل مضيئة كي أستمتع بما أفعله. أنطوان لحد بقامته ووطنيته شاركني الهجوم. من لي اليوم؟ ها أنا وحيد مع قوات بلا سلاح وكتائب من الصبية وحلفاء يثرثرون بمواضيع تافهة مثل المفقودين والمهجرين والفساد وتردي الخدمات ودور القضاء، لا تجد في جيب أحدهم ولو حتى مطوى، آآآآه يا رب لمن تركتني؟ ليتك تعيدني إلى السجن؛ فالسجن على الأقل للرجال”.
وقبل انتهاء شمعته بقليل، أوضح سمير أنه متمسك بحلم قيادة لبنان “من سمحَ لميشيل عون أن يصبح رئيساً رغم ما فعله في تل الزعتر، قادر أن يجعلني رئيساً بسهولة؛ لأنني الأنسب لتحويل لبنان من ملعب لإيران وسوريا ودول تافهة فاشلة متخلفة لبلد قوي متين تحت حماية دول عظمى مثل إسرائيل وأميركا”.
وعقب خلوته صرّح سمير لمراسلنا أنّ مجزرته لا تتعارض أبداً مع تعاليم الرب أو التعهد الأمريكي بحماية المدنيين “أدَّيت واجبي وزيادة تجاه المدنيين في صبرا وشاتيلا؛ فإقامتهم مع ميليشيات مسلحة تنتقل من بلد لآخر لتمارس القتل والدمار كانت خطراً على حياتهم وعلى الصحة النفسية لأبنائهم، وانتقالهم للعالم الآخر وفر لهم حماية فعلية وأبدية أكثر من تلك التي تكفلت بها أميركا حينها”.
وأكد الحكيم أنّ ما ينشر كل سنة من صور ومقاطع فيديو عن هذه الذكرى يعطيه أملاً وحافزاً لمستقبل أفضل “لأنها تذكرني بمدى اقترابنا من تحقيق حلم لبنان مستقلّ وحر للبنانيين الحقيقيين؛ المسيحيون الموارنة المؤيدون لي أنا فقط. يا رب، و، وأنّ من نزع سلاحنا وشتت قوتنا، يمكن أن يشفق لحالنا ويضع سلاح حزب الله وأمل بيدنا”.
* سمير جعجع: مناضل لبناني قديم، ومعاصر أيضاً. حارب الفلسطينيين والمسلمين والمسيحيين والسوريين واللبنانيين وذباب وجهه وهواجس وتحالف معهم أيضاً للوصول إلى لبنان الكبير التعددي الديمقراطي الخاص به. من الحكماء القلائل الذين لم يدرسوا الطب ولا يتمتعون بالحكمة، وهو أيضاً من قادة الحرب الأهلية القلائل الذين نجوا وما زالوا على رأس عملهم وفي موقع سلطة، بدلاً من أن يكونوا جثثاً متحللة تنكحها الكلاب الضالة لقتلهم آلاف المدنيين العزّل أثناء الحرب.
شعورك تجاه المقال؟
هل أعجبك هذا المقال؟
لكتابة العنوان، اقترح فريق من ٧ كتاب -على الأقل- ما يزيد عن ٣٠ عنواناً حول هذا الموضوع فقط، اختير منها ٥ نوقشوا بين الكتاب والمحررين، حتى انتقوا واحداً للعمل على تطويره أكثر. بعد ذلك، يسرد أحد الكتاب أفكاره في نص المقال بناء على العنوان، ثم يمحو معظمها ويبقي على المضحك منها وما يحوي رسالةً ما أو يطرح وجهة نظر جديدة. لدى انتهاء الكاتب من كل ذلك، يشطب المحرر ويعدل ويضيف الجمل والفقرات ثم يناقش مقترحاته مع الكاتب، وحين يتفقان، ينتقل النص إلى المدقق اللغوي تفادياً لوجود الهمزات في أماكن عشوائية. في الأثناء، يقص فريق المصممين ويلصق خمس صور ويدمجها في صورة واحدة. كل هذا العمل لإنتاج مقال واحد. إن ضم المزيد من الكتاب والمصممين إلى الفريق التحريري أمر مكلف، ويستغرق المتدرب وقتاً طويلاً لبناء الخبرات والاندماج في العقل الجمعي للفريق.لكن ما الهدف من ذلك كله؟ بالتأكيد أنَّ السخرية من المجانين الذين يتحكمون بحياتنا أمر مريح، لكنَّنا نؤمن أنَّ تعرية الهالات حولهم، وتسليط الضوء على جنونهم، خطوة ضدَّ سلطتهم تدفعنا شيئاً فشيئاً نحو التغيير.نحن نحتاج دعمك للاستمرار بتوسيع الفريق.