تغطية إخبارية، دليل الحدود

أي التهمتين أقوى لحبس معارضيك؟ الانضمام لجماعة الإخوان vs ازدراء الأديان

عبد السميع بطارخ - مراسل بيئة العمل

Loading...
صورة أي التهمتين أقوى لحبس معارضيك؟ الانضمام لجماعة الإخوان vs ازدراء الأديان

يواجه الجيل الناشئ من المحقِّقين والمُخبرين ونازعي الأظافر العديد من التحديات المستجدَّة في مهنتهم التي لا تتميز بالسهولة واليسر الذي يعتقده ذلك الشخص الذي كان يحلم بمثل هذه الوظيفة؛ إذ يجب عليهم مواكبة التطورات التكنولوجية، مثل اختراق هواتف الناشطين وتتبع خطواتهم إلكترونياً، وتطوير كفاءة طرق وأجهزة التعذيب التي لم تُحدَّث منذ عقود، والحاجة لدعم نفسي وأجهزة متطورة، على غرار كاتم الصوت، لضمان عدم إيذاء آذانهم جرَّاء الصراخ المتواصل للعينات التي يعملون معها.

عدا عن ذلك، يعاني هذا الجيل من صعوبة التفوق على جيل سابق تخطَّى إنجازات الأنظمة الاستعمارية، ورسَّخ أنظمة سياسية مثل البعث، الذي لولا إنجازات أجهزته الأمنية لما تمكن من البقاء؛ بسبب الفشل العسكري والاقتصادي والسياسي، وفقط باستخدام سلاح الخوف. أيا ليت الشباب يعود يوماً.

تعتبر مسألة تلفيق التهم من أهم التحديات اليومية التي يواجهها عناصر الأمن القومي، حيث إن تُهماً مثل نشر الأخبار الكاذبة أو التظاهر بدون رخصة، قد تستفز منظمات حقوق الإنسان وتعرِّض الحكومة لوجع رأس هي غنية عنه، مقارنة بتهم أهم بالنسبة إليها، كالإرهاب أو التخابر أو الاغتصاب أو الانحراف الجنسي، عملاً بنظرية استحالة وجود دخان بلا نار أو عقب سيجارة في فخذ المواطن.

فلنأخذ مثلاً ازدراء الأديان والانتماء لجماعة الإخوان المسلمين. كلاهما جزء من طقم التهم الفاخرة الكفيلة ليس فقط بسجن المتهم بل بتبرؤ عائلته منه خشية أن تلتصق إحدى التهمتين بهم. لكن، لكل تهمة فوائد ومضارّ، مما يوجب على المحقق الموهوب انتقاءها بحرفية؛ فهي لا تشبه اليوجا بانتس لتواكب تضاريس الجسد. وهذا هو الفارق بين عنصر مستقبلي في جهاز المخابرات وشرطي مرور يعمل في فصل الصيف.

خبير الشؤون الأمنية العشماوي بتللو أكد ضرورة أن يكون الاختيار بين التهم مستنداً إلى معايير، منها على سبيل المثال، المسافة التي يريد المحقق إرسال المتهم إليها وراء الشمس. مدى العقاب الاجتماعي العفوي الذي تريد تطبيقه عليه، مثل الإقالة من الوظيفة أو الطلاق أو الحجز على الأموال. مدى تكرار استخدام التهمة في قضايا أخرى. قدرة السلطات على تعميم التهمة على عائلة المتهم، وفتح مجال لابتزازه مالياً.

وبيَّن بتللو أن أثر التهمة المجتمعي وإمكانية القصاص من المتهم دون تدخل الدولة مباشرة في الموضوع يعد أحد أهم الإنجازات للمحقق الناشئ.

ويقول بتللو “أنا على سبيل المثال من مناصري تهمة ازدراء الأديان؛ فبالإضافة لكونها سهلة التطبيق – بما أن غالبية الشعب نطق أو سبّ بالكفر في يوم من الأيام بسبب الظروف المعيشية – تعتبر أيضاً عابرة للطوائف والعلمانية، وتعطي انطباعاً بأن الحكومة التي تدعس على رقبتك تستحق الاحترام والتقدير لحمايتها شرع الله.”

ويضيف “ضربة المعلم تتحقق عندما ينجح الجهاز الأمني في تجييش وزيادة احتقان الشعب، خصوصاً في حال وجود مشاكل أخرى اقتصادية أو اجتماعية يتوجب لفت الأنظار بعيداً عنها، فيقتلون المتهم بمعرفتهم أمام المحكمة دون أن نضطر لتوسيخ أيدينا، ثم نحاكم القاتل ونتظاهر برفضنا للعنف تجاه أصحاب الرأي المعارض.”

وعن مزايا تهمة الاتضمام لجماعة الاخوان المسلمين او الاقتراب منهم أو معرفة أحدهم أو السماع بهم، فشدَّد بتللو على أنها تهمة تكاد تكون مثالية مثل سابقتها، بل ومن مزاياها أنها تشمل من لا يقتنع بها أو يشكك بها أو لا ينادي بها، ما يفتح المجال – بعملية حسابية بسيطة – أمام حبس الشعب كلّه.

شعورك تجاه المقال؟